2024
Adsense
مقالات صحفية

شكرًا

عصام بن راشد المغيزوي

رائعة هي تلك الحياة التي نعيشها، جميلة هي تلك التفاصيل التي تضفي ألوانًا جذابة على ألبوم صورنا، عظيمة هي تلك الكلمات المبعثرة التي نسعى من خلالها سرد قصصنا. ما أجمل الحياة! بمختلف فصولها، في صيفها وشتائها، حينما تمنحنا سعادة أو تسلب منا ابتسامة، عندما تتكالب علينا بمصائبها، وحينما تهدينا كنوزها، ما أروعها! حياتنا أشبه بمدرسة، في كل فصل دراسي تقدم لنا درسا جديدا، وتطلب منا استيعابه، فكما أننا نقف للمعلم احتراما وتقديرًا، فإننا يجب أن نقف لدروس الحياة إجلالًا وامتنانًا، يجب أن نشكر الحياة على كل الدروس العظيمة. من يتأمل في دروس الحياة سيدرك أن شكره وامتنانه، يجب أن يتوجه للتفاصيل التي يكرهها أكثر من توجهه للتفاصيل التي يحبها أو يرغب في الحصول عليها، فكيف سنشعر بقيمة النور إن لم يسبقه ظلام؟ وكيف سندرك قيمة الحياة إن لم يكن هنالك موت؟ وهل سنعي أهمية النجاح إذا اختفى الفشل؟ جميع التفاصيل والدروس التي تهدينا إياها مدرسة الحياة، هي في حقيقة الأمر، دروس قيمة وتفاصيل رائعة، إذا تمكنا من النظر إليها بالطريقة المناسبة، وإن فهمنا مغزاها الحقيقي.

لدي إيمان تام بأن العرفان هو قربان السعادة؛ لذلك وجب علينا التوجه بالشكر الجزيل للعديد من التفاصيل التي مررنا بها في الحياة، شكرًا للتجاهل؛ لأنه منحنا فرصة عظيمة للعمل والإنجاز، شكرًا للموت؛ لأنه يُذيقنا طعم الحياة الحقيقي، شكرًا للفشل؛ لأنه يفتح أبواب النجاح على مصراعيها، شكرًا للحزن؛ لكونه أحد ركائز الفرح، شكرًا للظلام؛ الذي لولاه لما أدركنا أهمية النور، شكرًا لليأس؛ فمن دونه لما كنا قد شعرنا بقيمة الأمل، شكرًا للعطش؛ الذي جعلنا نلهث خلف الأنهار، شكرًا للخسارات، التي جعلتنا رابحين، شكرًا للغربة، التي جعلتنا ندرك قيمة الأوطان، شكرًا لكل تلك التفاصيل البسيطة التي ترسم لوحة حياتنا، وتبعث الحياة في حياتنا. شكرًا لكل تلك الأحداث التي تركت أثرًا، وغيرت فكرًا، وأبانت عن دروس كنا نجهل ماهيتها وأهميتها. شكرًا لكل تلك الأيادي التي مدت وتلك التي تمنعت، شكرًا لكل تلك القلوب التي تمنت الخير، والأعين التي تترقب سقوطنا؛ فأنتم من صنعتم أجمل تحدياتنا، وسطرتم أقدس سطورنا.

خلف كل كلمات الشكر التي قيلت وستقال، توجد مجموعة من الدروس المستفادة والعبر المستخلصة والأفكار المستنبطة، وتوجد أيضًا أحلام رائعة قد تحققت، وقصص قد حكيت، وآمال قد ارتقت، وكوابيس قد سافرت، وبيوت من الحزن قد اندثرت، وأوجاع قد دفنت. كلمة (شكرًا)، لا يجب أن تُركن في قاموس الحياة طويًلا، ولكنها يجب أن تتحول إلى أفعال على أرض الواقع في أقرب فرصة ممكنة. لنقف احترامًا وتقديرًا لمدرسة الحياة العظيمة، لنكن شاكرين لكل التفاصيل التي تعصف بحياتنا، حينها سندرك عظمة كلمة (شكرًا)، وأثرها العظيم في مجريات حياتنا.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights