حِـسْبة مُـواطِن٢_أ (التّعليم)
فؤاد آلبوسعيدي
بدايةً لنستذكر ما كتبتُه سابقاً..
“هنالك بعض من الأمور التي إن قام شخص ما بالتحدث عنها أو لنقل بالكتابة فيها أو حولها؛ لربّما تغيّرت نظرات الآخرين وآراؤهم إليه”. اقتباسة من مقالة: حِـسْبة مُواطن_١/فؤاد آلبوسعيدي).
من لا يذكر فضائل الناس وأعمالهم فقد جحد بينهم، ومن لا يشكر ربّه على ما هو فيه من أرزاق ونعم ومكرمات ربّانية ما استقرّت أحواله وما استقامت أوضاعه؛ فالحمد لله على كل نعمه التى أنعمها علينا، هو فضل من الله الذي أكرمنا فوهبنا الأمن والأمان، فأصبحت بلادنا تقارن وتوضع في مستويات الأوطان والشّعوب المتطورة الأخرى، الحمد لله العاطي الذي يسرّ لنا منذ بزوغ نهضتنا الحديثة في بلادنا عُمان قيادةً سديدة وحكومةً حكيمة توفرّ لأبنائنا تعليماً عاماً مجّانياً في جميع مراحله..، لكن وعلى الرّغم من النّهضة التعليمية الواضحة للعيان، والتي ابتدأها القائل (سنعلّم أبناءنا ولو تحت ظلّ شجرة_السّلطان قابوس)؛ فإنّه ليس من الخطأ أحياناً أن تعلو الأصوات وتُكتب الكلمات لتذّكر بعضنا بأنّ خطّ السّير قد ابتعد عن مساره الصحيح، ليس سيئاً أن تسمع همسات الآخرين ضدّك؛ فربّما هي أصوات يُراد منها الخير لك وللمجتمع أجمعه.
فالحمد لله كثيراً الذي جعلنا مجتمعاً متفائلاً محبّاً للتّحديات، والغالب منّا ملمّون بجهود التطوير والتنمية ومبادراتها التي تنفذُها الجهات المختصة بالتربية والتعليم في هذا الوطن العزيز، نحن -وربّما الأغلبية منّا- نؤمن بوجود عمليات لتنقيح قطاع التعليم وتحديثه، وهو ما أكّده ووعد به قائدنا الذي قال في أول خطاب رسمي له في بدية العهد الجديد..
(إنّ الاهتمام بقطاع التّعليم بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفّزة للبحث والإبتكار سوف يكون في سلّم أوّلوياتنا الوطنية، وسنمدّه بكافة أسباب التّمكين _جلالة السلطان هيثم بن طارق).
على الرّغم من أنّنا متفائلون بالمستقبل الذي يخصّ قطاع التّعليم العام في بلادنا عُمان؛ فإنّنا ومع الأحوال الحالية التي لا تسرّ الأحوال بحسب أحاديث أبنائنا الطلبة وأحاديث أولياء أمور الطلبة، وأيضاً من الأحاديث الجانبية المسموعة والمقروءة في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المحافل الأخرى من بعض أعضاء الكوادر التدريسية من المعلمين والمعلمات، مجبرون بالقول: إن الواقع مرّ حتى بعد مرور السنوات الكثيرة التي توالت علينا سريعة، فبتنا –وللأسف- نرى تراجع نظامنا المدرسي وتخلّفه عن مواكبة الأنظمة التعليمية في كثير من الدّول المجاورة، وكذلك تلك البعيدة عنّا، الصّورة الجميلة التي كان يرسمها الغالبية العظمى من أولياء أمور طلبة العلم في المدارس تغيّرت، وما عادت مثلما كانت في أمنياتهم وأمانيهم، فأبدلوها بصورة قاتمة؛ وذلك انعكاس لما وجدوه في كثير من الجوانب التي تخصّ المدارس الحكومية.
لقد أصبح حال النّظام التعليمي في بلادنا عُمان كأحوال بعض الأمور التي لم يلامسها التطوير المطلوب في بلادنا، ولكن عندما نقارن نفس الجوانب في الأقطار والبلدان الأخرى؛ فإنّها تبدو لنا في نظراتنا مشرقة ومثيرة؛ وذلك على الرّغم من الحضارة الحديثة التي نعيشها منذ بدايات النهضة العمانية التي بدأت في العهد القابوسي، ونرى ونعيش استمراريتها في العهد الجديد الذي يقود دربه سلطاننا هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه.
قد يتساءل بعضنا حول أسباب تلك النّظرة التشاؤميّة في بدايات بعض سطوري السالفة..، وهنالك من بعضنا أيضا ربّما سيملؤه الاستغراب حول ما يفكّر فيه بأنها نظرات سلبية ظاهرة فيما مضى من الحروف دونما أن يعرف عن الأسباب التي سيعلمها لاحقاً، ومن ثمّ قد يغيّر آراءه ويوافق ما جاء فيها، أو ربّما سيعارضها بعد أن يعرفها في قادم السّطور، ربّما كذلك سنجد من يقول: إنّ كاتب السّطور هو من الأشخاص الذين يحبّون انتقاد كلّ الأمور صغيرها وكبيرها؛ لكي يظهر أمام الجمهور في الصّورة كمن يقول: (أنا أنتقد إذن أنا هنا).
لماذا يتّجه بعضنا إلى الانتقاد؟!
إنّ الانتقاد هو اللّغة أو الوسيلة التي يستخدمها من يئِس من استمرارية أحوال بعض الأمور؛ وذلك بعدما أن يكون قد استنفذ صبره في حصول التغيير الإيجابي، وبعد أن يجد الأوضاع لا تسير حسبما يتمناه، أو ربما مثلما يتوق إليه غيره في أمنياته تجاه شأنٍ من الشّؤون الخاصة أو العامّة، بعضنا قد يُعدّ الانتقاد هو سلاح ذو حدّين، قد يصوّب الأمور ويصحّح مساراتها، وقد يكون هدّاماً إن كان ما جاء في النّقد أموراً ليس لها علاقة بالواقع أبداً.
المُنتقد في كلّ حالاته يُقدم على الانتقاد؛ لأنّه يبحث عن العدالة في تحقيق الخدمات وتوزيعها التي تقدّم له، وكذلك الشخص الذي يتوق دوماً إلى الأفضل له ولغيره، نحن نرى ونقرأ الكثير من المقالات التي تنتقد بعض الأمور، ونجد أو نكتشف في نهايتها أنّ كلّ ما كتب من نقدٍ وكلّ ما ذُكِر من أمور سلبية هي في الحقيقة كلمات أُريد منها التّطوير أو التغيير إلى الأفضل في إحدى شؤوننا المجتمعية، أو كذلك في إحدى الخدمات أو الجوانب التي تقدّمها إحدى الجهات أو القطاعات الحكومية للمواطن أو المقيم.
إنّ أوضاع التعليم في بلدنا -عُمان- لها واقع لا يسرّ الحال في كثير من جوانبه التي أصبح الكثير من الناس ينظرون إليها بنظرات سلبية تفيض بالانتقادات في كلّ عام دراسيّ دون أن يجدوا في العام الذي يليه تطويراً أو تغييراً عن العام الذي مضى، ربّما قد تكون أفكاري ولسان حالي هي ذاتها الأفكار ونفس اللّسان الذي يتكلم به معظم أولياء الأمور الذين قد باتوا يشعرون -مثلي- بالمعاناة الكبيرة التي يعيشها فلذّات الأكباد على تفاوت مراحلهم وصفوفهم الدّراسية، وفي مختلف المدارس على امتداد ربوع بلادنا الحبيبة قد تكون هذه النظرات تجاه واقع التعليم هي نفسها التي يعيشها جميع الآباء والأمهات اليائسين مما يرون من اتجاهات التعليم في مطلق جوانبه، هي كذلك نفس الآراء التي كثيراً ما سمعناها وما قرأناها في مختلف وسائل التواصل الاجتماعية التي لا يمرّ يوم دون أن نسمع ونشاهد من خلالها الكثير والكثير من الشّكاوي التي بالكاد يقوم أحدهم في الجهة المسؤولة بالرّد عليها، وكأنّ الأوضاع تحت السّيطرة في كلّ جوانبها.
(يُـتبع -بإذن الله- في الأسبوع المقبل..)