2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

المدرسة …حياة أزمة التعليم .. بين الصّدمة والتعلم

بقلم: د. محمد بن أحمد البرواني
محمد للاستشارات الإدارية والتربوية
alnigim@gmail.com

إن المتتبع واقعَ التعليم اليوم يجد أنه يعاني من التحديات التي تعترض طريقه في سبيل تحقيق الأهداف المرتجاة من التعليم؛ إذ أصبحت الأهداف التي يأمل القائمون عليها من التعليم تحقيقها متنوعة ومتغيرة بشكل متسارع؛ نتيجة التطور السريع الحاصل في العالم، والحادث نتاج الابتكارات المختلفة في هذه الثورة الصناعية التي اعتمدت على الحواسيب والبرمجيات المختلفة، وما صاحبها من تقنيات لدراسة تجاربها وتحليلها في المختبرات بشتى أنواعها؛ مما سبب طفرة في التعليم الذي أدى بدوره إلى التقدم العلمي والتكنلوجي المتسارع في هذا العالم، ووضع العالم في قرية صغيرة يكون التواصل معها سهلا، كلُّ ذلك دعا القائمين على التعليم إلى تغيير المناهج المستمرة التي تواكب حاجات الطلبة وحاجات المجتمع.

واللحاق بالمجتمعات المتقدمة في هذه السُّرعة الفائقة أصبح صعب المنال، كما أن الحاجة إلى وجود جوانب أخرى تدعم عملية التطوير، كوجود المباني المناسبة التي تحتاج إلى توفيرها أموالا كثيرة؛ بسبب زيادة عدد السكان، وتوسع الرقعة الجغرافية للعمران، بالإضافة إلى ضرورة توفير التعليم إلى مختلف شرائح المجتمع مجانا في مراحله الأولى، كما أقرته المؤتمرات الدولية التي تعنى بالتعليم، وتزداد التحديات في المجتمعات المختلفة نتيجة وجود التضاريس والقوميات والإثنيات التي تحتاج إلى إمكانات مادية عالية تراعي جوانب البيئة والمعتقد.

وفي مجتمعنا العماني تزداد التحديات يوما بعد يوم؛ نتيجة التوسع العمراني النشط والتباعد السكاني الذي حتّم توفير النقل إلى مسافات بعيدة للطلبة تصل في بعضها الساعة وأكثر، بل وصل الأمر إلى توفير مبانٍ مدرسية إلى السكان الذين ينتقلون من مكان إلى آخر سعيا وراء الكلأ والرزق؛ حيث أقيمت المدارس التي يفد إليها الطلبة من كلّ موقع في وسط الصحراء وقمم الجبال.

إنّ حركة الهجرة بين الشتاء والصّيف جعلت من عملية التخطيط وتوقعاتها في غاية الصعوبة نتيجة عدم معرفة ترحال أسرة من بقائها، ومن ثَمّ زيادة الضغوط على الإدارة المدرسية؛ من حيث توفير المكان في الصف والنقل، وهذا بحدّه يمثل أزمة تعليمية تربك المخططين في وضع التنبؤات الاستراتيجيات المستقبلية التي تصحّح المسارات التي تؤول إليها الأزمة، وتحدّ من قوتها وتكرارها.

إن هذه الضغوط تفقد القائمين على العمل في الإدارات المدرسية الوقت والجهد، وتسبب لهم انخفاضا في الدافعية، وتحرفهم عن مسارات تطوير التعليم وتحسينه وتقدّمه ليواكب معطيات العصر، وعلى الرغم من الجهود المبذولة سواء كانت على مستوى الهيئات التدريسية، أو توطين السّكان وتقديم الخدمات في أماكن وجودهم التي ساعدت بشكل كبير في الحدّ من هذه الأزمة؛ فإن التنقل من أجل العمل والضغط على حواضر المدن، وتركز السكان في صورة متسارعة عَمِلَ على بقاء الأزمة بشكل حدّ من التوترات والصّدمة التي تأتي في بدايتها، وقلّل من الضغوط المرتفعة.

إن الاهتمام بالتعليم هدف أسمى وغاية قصوى وضعته الدول في أولى أولوياتها؛ لأنه سبيل للتقدّم والرّقي والرّفعة، وعلى الرغم من الجهود المبذولة والكبيرة في مجتمعاتنا؛ للنهوض بالتعليم؛ وذلك من خلال توفير المعينات والوسائل التي تساعد على تطويره وتحسينه؛ فإنه أصبح من الأهمية في هذا العصر المتسارع وجود الهيئات التدريسية المدرّبة، والكوادر الإدارية والإشرافية الفاعلة، والقيادات الناجحة التي تواكب التطور وتتفاعل مع واقع التعليم والتعلّم ومعززاته، وتراعي احتياجات الطلبة المختلفة، وتعي متطلبات المجتمع وثقافته.

لذلك فهناك حاجة إلى توفير المباني المستشرفة للمستقبل التي تراعي توسع السكان وتمركزهم، وتوفّر المعينات المسهّلة للتعلّم، وهناك حاجة إلى تحسين خدمات الاتصال والتواصل من شبكات اتصال وطرق، وتدعو الحاجة إلى تنويع التعليم نظاميا ومهنيا الذي يعمل على إشباع حاجات الطلبة، وتنويع الفرص لهم، ويساعد على تقليل المنافسة على الجامعات، ويؤدي إلى توفير اليد العاملة، ويُسهم من تقليل ضغوط البحث عن العمل، كما أن هناك حاجة لتوفير النقل سواء كان بالحافلات السريعة المخصّص لها شوارع خاصة أو بالقطارات الداخلية ( المترو )، وخاصة في المناطق المكتّظة، والتي تسهم في تقليل الأزمة والحدّ من تفاقمها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights