أفشوا السلام بينكم
خلفان بن ناصر الرواحي
ظاهرة غريبة وغير مألوفة على مجتمعنا العُماني المسلم، المحافظ على مبادئه وقيمه النبيلة منذ الأزل، هذه الظاهرة بدأت من بعضهم ممن هم قد تجاوزوا الأربعين وأكثر، ولم يقتصر على فئة الشباب فقط!
إنها ظاهرة عدم إلقاء السلام على من يلتقي أو يمر عليهم، سواء في مكان عام أو مكان خاص، فيا ترى ما أسبابها؟ وهل وصل بنا الحال إلى هذا التصرف الذي يفقدنا قيمنا المجتمعية والوطنية على حد سواء؟!
إنه -حقًا- أمرٌ مريب، ولم يكن من أخلاقنا ومبادئ ديننا الحنيف، فلقد أصبح بعضهم يمر عليك وكأنه لم يرك، بعضهم ينظر إليك بنظرة خاطفة وكأنه لا يعنيه إلقاء السلام عليك! فيا سبحان الله! ما الحجة التي يستند عليها أمثال هؤلاء، وكيف يمكنهم تقبل هذا التصرف؟
لقد شدني هذا الموضوع للكتابة؛ وذلك لما رأيت وبدأت أعياشه من واقع مر على نفسي، ولَم أتعود عليه، ولم يتعود عليه الكثير منا، فنحن خير أمة، ولنا حق الشرفية للاعتزاز بهذه الخيرية التي رفعت مقامنا، فكيف يحق لنا أن نتهاون ونتجرأ على هدم ما جاء به ديننا الإسلامي الحنيف في القرآن والسنة النبوية الشريفة؟! وقد أصبح كثير من المسلمين متساهلًا في إلقاء السلام أو رده، بل قد يتساءل بعضنا ويقول: وهل يستحق موضوع كهذا الإشارة إليه والتنبيه عليه؟ أقول: نعم، يستحق هذا الاهتمام وأكثر، ولِمَ لا؟ وهو عمل رئيس وركن قويم من أركان الدين الحنيف، وسبب متأصل يقودنا إلى الفوز بالجنة ونعيمها، وهي أغلى أمنية يتمناها كل منّا، ويعمل ويعيش لأجل تحصيلها؛ لينال رحمة الله وثوابه.
إن إفشاء السلام – إلقاء ورداً- هو من أعظم الأعمال وطرق الخير والصلاح التي أرشدنا إليها القرآن الكريم، وأرشدتنا إليها السنة النبوية، وهو من المعاني الإيمانية التي ظل الرسول -صلى الله عليه وسلم- طيلة حياته يرسخها في قلوب المسلمين. قال تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ -[ النساء: 86]. وعن أبي هريرة -رضي الله عنهم- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم “. رواه مسلم.
وإفشاء السلام من الأعمال التي تقرب العبد من الله تعالى، وتزيد المحبة والمودة بين عباده، وتذهب البغضاء والشحناء من قلوبهم، ليعيش الجميع في أمن وسلام ومودة.
لهذا، علينا أن ننتبه لهذا الأمر وننبه عليه، ولا نستهين بتركه؛ فعلى كل مسلم أن يحرص على إلقاء السلام على أخيه وكأنه يقول له بلسان حاله: عش آمناً مطمئناً، ولا تخشَ مني على نفسك وعرضك ومالك؛ وهذا بدوره يحقق الأمن والأمان بين أفراد المجتمع المسلم، ولنحرص على اتباع هذا المنهج والأدب الرفيع؛ فهو ذكر لله تعالى، وهو من خير الأمور في الإسلام، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أي الإسلام خير؟ قال: (تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف). (رواه البخاري).