ورقات من تجربة الحياة
خلفان بن ناصر الرواحي
الفكرة
لحظة عابرة تمر علينا وكأنها إلهام يُملي عليك خطرات، وقد تكون متولدة من عصف ذهني، فبعضها مقبولة وبعضها تحتاج إلى مراجعات ورَوِيَّة، وتبقى جميعها مجرد فكرة وتحتاج إلى تطبيق عملي وفق معايير محددة وخاصة، معتمدة على كيفية استغلالها من قِبل صاحبها أو مجموعة معينة تعنيها من حيث القيمة والفائدة المتوقعة. والفكرة تأتي كذلك من خبرات سابقة أو تجارب لمشاريع لوحظ مدى نجاحها أو فشلها أو قد تأتي من شيء يجيده الفرد ويحتاج إليه المتلقي أو المستهلك، وهي أول خطوة يبدأ بها أي مشروع في الحياة.
فعلى كل صاحب أي فكرة أن يكتب الطموح والخطة المبدئية لكي تخرج من دائرة التخيلات إلى دائرة الواقع والتنفيذ.
بناء الخطة
هي خطة لتمهيد الطريق التي يمكن بها الوصول إلى اتفاقية ضمنية مع الذات أو مع الآخرين بتوافق مقبول، مع توفر فرص أدوات التنفيذ اللازمة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية التي يمكن أن تحقق النجاح، وعلى أن تكون هناك عوامل بأرضية قوية أساسها زرع الثقة وصناعة قبول التغيير قبل الشروع في عملية التنفيذ. فكل فكرة لا بد أن يكون لها خطة عمل واضحة ومفهومة؛ لكي يتمكن المنفذ من معرفة مساره إلى أين يذهب بهذه الفكرة أو المشروع، وهل هو ماض في الطريق الصحيح أم أنه حاد عن مساره، وهي قابلة للمراجعة وإعادة النظر في هيكلتها من جديد إن دعت الضرورة لذلك.
العناصر والممكنات
هنا يكمن السر الذي يصاحب خطة التنفيذ لخطة العمل، فإن كانت العناصر الأساسية والممكنات موضعًا للاعتبار، ومن ضمنها القدرات والكفاءة البشرية والقبول، وتحديد الأولويات، وتحديد المخاطر المحتملة لكل هدف؛ فذلك هو الذي يمكن أن تبنى عليه خطة العمل.
ما قبل التنفيذ
لكل خطة عمل أهداف استراتيجية معتمدة على مؤشرات الأداء التي بنيت عليها، ومهما كان نوعها فردية خاصة أو جماعية أو مؤسسية فإنها تحتاج إلى استثمارات في بناء الشخصية أو الكوادر البشرية التي سوف تقود مرحلة التنفيذ، كما أنها تحتاج إلى مراجعة شاملة لجميع الأطراف المعنية التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة، داخلية كانت أم خارجية، مع الوضع في الاعتبار الاستفادة من تجارب الآخرين، والتجربة بالأمثلة، دون الاستعجال في الوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة، وخاصة إن كانت هذه هي المرة الأولى.
المرحلة التنفيذية
هي مرحلة جديدة أو إعادة تخطيط بعد مراجعة لبناء وتحقيق الحلم المتولد من الفكرة، مع الحرص على التواصل بين مختلف شرائح خطة التنفيذ، وعملية اختبار القدرات العامة التي تقدمها القيادات التنفيذية، وهي كذلك تعتبر صقلًا وتنمية للمهارات المهنية، حتى وإن كانت تلك الفكرة شخصية تتعلق بأدب الكتابة، ونتائجها ليست وليدة اللحظة أو تاريخ ملزم بعينه، وإن كانت تلك الفكرة والأهداف ملزمة مؤسسيًا فإن تحقيقها بكفاءة عالية هي نادرة الحدوث مهما كانت الظروف والمعرفة والممكنات.
وهنا عليك أن تتذكر دائمًا؛ ما سبب توجهك لهذا المشروع المتولد من تلك الفكرة، وهي على سبيل المثال لا الحصر:
– تحقيق القيمة الذاتية
– تذوق حلاوة النجاح
– إطلاق طاقاتك الإبداعية
– تطوير وتنمية شخصيتك
– زيادة حصيلتك الثقافية والعملية أو مواردك المالية أو مكانتك الاجتماعية
الخلاصة والخاتمة
عناصر النجاح لأي فكرة نوعان نفسية وإدارية، وكل نوع له أركانه التي هي أساس تحقيق النجاح أو الفشل، ويجب أن يوضع في الاعتبار لأي عمل.
لا شك إن مفاتيح النجاح لأي فكرة هما التخطيط والاستعداد الجيد، وذلك من خلال إعداد خطة مناسبة ودراسة مستفيضة تمكن المنفذ من تحقيقها، ووضع خطة لكل مرحلة من مراحل التنفيذ.
أولاً: عناصر النجاح النفسية:
1) الجدية والطموح:
فلابد أن تملك طموحات وتملك الجدية والمثابرة التي تستطيع بها تحقيق هذه الطموحات التي تولدت من الفكرة.
2) التميز:
عليك أن تكون مميزًا وفريدًا في مجالك حتى وإن كان هناك من يعملون في نفس مجال طموحك، فعليك أن تكون مُميزًا ولا تتبع أساليب نجاح الآخرين حرفيًا، بل خذ منهم مُميزاتهم وتجاربهم، وتجنب عيوبهم وإخفاقاتهم، ثم أضف عليها طريقتك الخاصة التي تجعلك دائمًا مُميزًا ومختلفًا في مجالك، وابتعد عن التقليد أو التحدي الذي يصاحبه الكبرياء والغرور.
3) التفاؤل بتوقع النجاح واستبعاد الفشل:
عليك أن تثق بنفسك في قدرتك على تحقيق النجاح، والعمل الجاد بهذه الثقة وتجنب دخول كلمة الفشل قاموس مشروعك.
4) تحديد نقاط القوة والضعف:
لكل منا نقاط قوة، فعليه في البداية أن يعرفها ويحددها ثم يركز عليها؛ كلما حددت نقاط قوتك وركزت عليها كلما كانت لديك قدرة أكبر على النجاح.
وعليك أيضًا معرفة نقاط ضعفك والبحث عن أسبابها، والعمل على تقويتها بالتعلم والتدريب، والتواصل مع أصحاب الخبرة.
ثانياً: عناصر النجاح الإدارية:
1) اختيار فكرة مُناسبة ومُميزة:
إن هذه الخطوة هي ذات أولوية وأهم الخطوات جميعًا بالنسبة للعمل الإداري، حيث أن المشروع يبدأ بالفكرة ويكتمل بالفكرة وتقوم كل مراحله عليها، ولا يوجد أحد لا يمتلك فكرة لأي مشروع ولكن يحتاج إلى عوامل مساعدة لولادة الفكرة، وبأن يكون لديه عناصر التنفيذ المناسبة أو الكافيه لإنجاح الفكرة.
2) التخطيط العملي:
إن أي فكرة تبدأ بالتخطيط، فالتخطيط السليم يُمكِّن صاحب الفكرة أو المشروع من رؤية المراحل المختلفة ومعرفة خطوات التنفيذ والنجاح لكل مرحلة من مراحله، مع الأخذ بعين الاعتبار الخطط البديلة إن دعت الحاجة إليها.
وللتخطيط الجيد لأي مشروع عدة مميزات ومنها:
– وضع جدول زمني واضح وواقعي وقابل للتنفيذ
– معرفة الكلفة المتوقعة حتى تتحقق فكرة المشروع إن كان يتطلب ذلك كلفة مادية
– التركيز على الهدف الموجود بالخطة سواء كان الهدف فردي أو جماعي أو مؤسسي
3) تنظيم الوقت:
بالتنظيم الجيد للوقت هي أفضل وسيلة لتنظيم ولادة الفكرة، لمعرفة الأهداف التي تحققت وفق الخطة المعده لها.
4) التحلي بصفات الإدارة الناجحة:
لكي يستطيع صاحب الفكرة تحقيق هدفه عليه المُثابرة والصبر والجدية حتى يتمكن من تحقيقه.
بالإضافة لذلك فإن صفات الإدارة الناجحة لأي فكرة أو مشروع عليها أن تركز على ترتيب الأولويات، وتتميز بالمرونة والتأقلم مع المتغيرات، وحل المشكلات، وتقييم الأداء والتطوير، وفي حالة أن المشروع يحتاج إلى فريق عمل فيجب اختيار فريق عمل متكامل ولديه الخبرة والكفاءة، قادرًا على إدارة الخطة لتحقيق الهدف المنشود.