2024
Adsense
مقالات صحفية

رَســائـِـل فُـــؤَاد_ ج_١١_ في مدرسةِ الحَيـــاة

فؤاد آلبوسعيدي

تساؤلات ربّما عند القاصي والدّاني..؛ لماذا يكتب البعض الكثير من السّطور التي تحتوي في طيّـاتها كثيراً من الأمور والتّجارب التي تحدث، أو ربّما تلك التي وقعت من قبل في حياته؟ كذلك قد يأتينا من يتساءل.. من أين للبعض ذلك الإلهام الذي يأتيه فيعبّر عنه بحروفٍ وافرة تملأ كتاباته التي قد ينتج عنها في النّهاية قصص وروايات ومقالات وخواطر وهمسات وقصائد وغيرهنّ من الصّور التعبيرية؟!.
قد تكون في الغالب هي الطريقة المثلى التي بها يستطيع الشخص الذي يكتب مُتمكّناً في التّعبير عن تلك الأحاسيس المُتجذّرة والمشاعر الإيجابية أو السلبية التي استطاعت أن تعيش مع أفكاره وخبراته الحياتية، والتي أبت أن تكون إلاّ صورة مُبَروزة تَبرُز من خلالها أموراً وأحداثاً وقعت معه ودروساً تعلّمها في يومه، هي كلمات يكتبها فتعكس ردّات أفعالٍ أو أقوالٍ مرّت معه سواءاً أكانت تلك اللّحظات طيّبة وجميلة أم كان في بعضها ذلك السّوء والرّداءة الذي قد لا يروق له.

أحياناً المنطقُ الذي يتجوّل في أفكارنا وخواطرنا قد يقول لنا بكلّ واقعية.. من لا يصدّق بأنّ هذه الحياة هي مدرسة مستمرّة الوجود لا يمكن هدم صفوفها، وكذلك لن ينتهي أو يجفّ المداد (الحبر) الذي نكتب به حروفاً في صفحاتنا اليومية ما نتعلّمه بأنفسنا ومن الآخرين، وأحياناً ما نحاول أن نستنبطه من بعض خبرات وأفعال غيرنا من البشر الذين ربّما يقومون بالمثلِ كذلك في محاولة التعلّم والإستفادة من خبراتنا وأفعالنا.. من لا يصدّق ذلك هو شخصاً قد يظلّ جاهلاً وإن كان عالماً يمتلك الشهادات العليا..؛ من لا يزال ناشزاً ويعيش بعيداً عن العالم الذي يحيطه ولا يتقبّل أبداً فكرة وجوب الإستفادة من خبرات وتجارب الآخرين فهو شخص لن يصل إلى إنجاز الكثير من النّجاح في حياته وإن امتلك بين يديه كنوز الدنيا.

بعض الحقائق التي تنطبق على كثير من الأمور في حياتنا ما كان سيظهر لنا حقيقتها لولا أنّنا قد تعاطينا معها وجربناها وعرفنا واقعها فجعلناها أساساً لكثير من الأمور الحاضرة أو المستقبلية؛ أحياناً الخبرة والمعرفة الجديدة لن نكتسبها إلاّ بسبب فعلٍ آلمنا أو حدثٍ أصابنا؛ أحياناً قد نخضع إلى خبراتنا المكتسبة بسبب الظّروف الكثيرة التي نعيشها وفي لاحق الأوقات ما اكتسبناه قد يجبرنا إلى التفكير حول أمور قد تكون في بعض الأحيان بلا معنى وبلا جدوى أو فائدة لنا؛ أحياناً قد نجد أنفسنا في بعض الفترات واللحظات من أيّامنا نعيش في وضعيّات الجهاد الدّاخلي ضدّ صراع فكريّ قد يكون بسبب معركة نخوضها ضدّ كلمة واحدة قيلت لنا أو كلمة واحدة نحن نقولها لغيرنا أو هي ربّما كلمة واحدة أردناها كقنبلة نعلن بواسطتها انتصارنا المعنوي على أحد أولئك الذين قاموا بإيذائنا حتى وإن لم يكن حاضراً أمامنا من نريد وضعه على فوهة المدفع.

الحياة مدرسة والمدرسة هي حقلاً كبيراً كلَما بحثت فيه كلّما اكتسبت معرفة جديدة، هي مساحة كبيرة لك فيها أن تبحث جيداً لكي تكتشف المفيد لك؛ بالأمس القريب كنت أحسب بأنّ يومي سيمرّ مرور الكرام دون أن أتعلَم شيئاً جديداً أو حتى كلمة جديدة يمكن لي بأن أضيفها في موسوعة الكلمات التي عرفتها وقمت بحفظ معانيها المختلفة وأفهم في ماذا تُقال وفيما تستخدم؛ في نهاية اليوم كان لي ذاك النّصيب من المعرفة الجديدة والمفيدة لي على الرّغم من بساطة مع تعلّمته وما عرفته، لساعات ذلك الصّراع الفكري في عقلي وذهني كان قد بلغ أوجّه والسّبب في ذلك هو توارد كلمة (حُثالة) التي كانت تدور في أطراف رأسي الذي كان يبحث عن معناها حسب تعريف معاجم اللّغة العربية وكذلك في بعض مواقع الترجمة العربية بالشبكة العنكبوتية.

لماذا كلمة (حُثـالة)؟!
إنّ بعض المواقف التي نعيشها قد تُجبرنا أن نتفكّر بلحظاتها دون أن ننسى ما وقع فيها؛ وبعض المواضع التي نحياها قد تجبرنا أن ندفع بكلّ تركيزنا في موضوع واحد دون أن نقوم في نفس اللحظة على وضع ونصب تركيز أفكارنا حول أيّة أمور أخرى؛ هذه الكلمة (حُثالة) وقعت في دائرة أفكاري لفترة طويلة في يومي بسبب حدثٍ وقع بيني وبين أحد من الأشخاص من الأقارب القرباء جدّاً؛ الكلمة والفكرة المتعلّقة بكلمة (حُثالة) ترادفت بشدّة مع ردّة الفعل تجاه تصرّف ذلك الشّخص فطال ترديدها في عقلي دون أن أعي معناها بكلّ وضوح.

في العادة المعرفة الجديدة لن تأتيك إلى حيث تقف أو تجلس أنت في طبقٍ من ذهب، المعرفة والخبرة الجديدة لتحصل عليها يجب عليك البحث عنها بنفسك والواجب أن تثابر كثيراً أحياناً حتى تصل إلى حيث تبتغي الوصول إليه؛ وبالمناسبة في اللّغة العربية كلمة (حُثَـالة) يأتي في وسطها حرف الثّاء، وكذلك هنالك أيضاً في لغتنا العربية الجميلة كلمة أخرى تشابهها في اللّفظ والنّطق وهي كلمة (حُسَالة) ولكن هذه الأخرى التي أعرف الآن فقط يتوسّطها حرف السّين؛ الأمر الغريب والمدهش الذي لاحظته من خلال البحث في أكثر من قاموس عربي إلكتروني هو أنّ كلتا الكلمتان لهما نفس المعنى ونفس الإستعمال عند وصف الأشياء الرديئة أو الشخص السيء.

أحياناً قد يظنّ البعض فيما يعني تفسير وتوضيح المعنى المراد الذي قد نستخدمه ونحن نصف شخصاً ما بأنه (حُـثالة) بأنّ المقصود هو أن يكون الشخص الموصوف رثّ البدن ورديئاً أو متّسخ الثياب أو أن يكون سيّئاً ومقرفاً في مظهره وهندامه؛ ذلك التعريف قد يكون خاطئاً أو ربّما ناقصاً فأحياناً قد نصف الشخص بالحُثالة بسبب تصرفات يفعلها وخصال يتّصف بها، البعض بسبب ما نراه منهم من تصرفات ظاهرة تجبرنا أن نقوم بوصفهم بكلمات أحياناً تكاد أن تكون غير مقبولة من قبلنا نحن الواصفون حيث نضطرّ أن نقولها رُغماً عنّا بسبب الإنعكاس الذي نراه من تصرّفات الآخرين تجاهنا.

في العادة عندما ينرفزنا أمراً من الأمور أو يغضبنا أحدهم بطريقة قد تقترب من الخطوط الحمراء فإنّنا ربّما قلنا ونحن نصف ذلك الأمر الذي يضايقنا أو ذاك الشّخص بالحُثالة أو الحُسالة..؛ قد لا يكون استعمال ذلك الوصف بسبب أنّه يبدو أمام أعيننا ظاهراً ومرئيّاً بحالته الرّديئة وبشكله السيء؛ بل ربّما نحن قد نتّجه أحياناً إلى وصف غيرنا بذلك بسبب طباعه وأفكاره وعقليّته التي قد نراها نشّازة أو تخالفنا أو تؤذينا ظاهرياً أو حتى معنوياً ؛ نعم قد نقوم باستخدام ذلك الوصف حتى وإن كان الموصوف يلبس أفضل وأغلى الثياب أو حتى وإن كان من أغنى البشر مالاً.

أحياناً وأنت تنتقل في حاضرك هذا من صفٍّ إلى صفّ بين مقاعد الحياة الأسرية والمجتمعيّة لتنهل من الخبرات التي ستفيدك في غَدِك عليك أن تعلم بأنّك…

قد تكون حُثالة عندما تملأ قلبك بالحقد الكبير على الآخرين بسبب ما يملكونه من أمور ماديّة أو معنويّة أنت قد لا تملكها.

قد تكون حُثالة عندما تدبّر الشّرور والدّسائس لكي تصيب الآخرين فيتضرّروا على الرغم من إمكانية فعل الخير من أجلهم.
قد تكون حُثالة عندما تظنّ بأنّك محور الكون والأفضل من غيرك في كلّ الأمور وكأنّك حبّة التوت الوحيدة في العالم.

قد تكون حُثالة عندما تحتقر الآخرين لأنّك بتّ تملك الكثير وهم لم يرزقوا من النّعم إلاّ بالقليل.

قد تكون حُثالة عندما تتكبّر على معارفك من الأقارب والأرحام والأصدقاء والزملاء، فتعاملهم وكأنّك لا تعرفهم أبداً.

نعم قد تكون حُثالة لأنك لم تتعلّم بعد أبداً العيش في وئام مع الآخرين؛ لأنّك تظنّ بأنّ الدائرة لن تدور عليك في يومٍ من الأيّام.

في مدرسة الحياة .. لا بأس أن تكون عزيز النّفس، ولكن أثناء تعاملك مع غيرك من البشر لا تكن أبداً حُثالة أو ( حُسالة ) تسيئهم بتعاليك عليهم فتؤذيهم جسدياً ومعنوياً، وأنت تعامل غيرك لا تنسى من حديث ووصايا الرسول ﷺ في يوم خطبة الوداع..
“إنّ ربّكم واحد وإنّ أباكم واحد وكلّكم لآدم وآدم من تراب”.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights