إلى متى؟
هلال بن حميد المقبالي
وبدأ العام الدراسي، وقبله بدأت التجهيزات من الأسر في توفير مستلزمات الدراسة من ملابس وأدوات دراسية، وكم هي فرحة أبنائنا وهم يشاركون في اختيار ما يناسبهم من المسلتزمات المدرسية..
كلنا لاحظ هذا العام الطفرة في ارتفاع الأسعار، وكلنا برر عن ذلك بشكل مختلف، منهم من يقول: بسبب الضريبة، وآخر: بسبب ارتفاع سعر النفط، فقد ارتفعت أسعار الشحن، وكلفة النقل، وارتفعت بذلك الأسعار، وفي هذه المعمة من ارتفاع الأسعار، ورغم كل ذلك يبحث أولياء الأمور عن أفضل الأدوات لأبنائهم ليسعدوهم، ويرسموا الفرحة والسعادة و يبثوا الأمل والطمأنينة في أبنائهم لاستقبال عام دراسي جديد، ويحببوا لهم المدرسة والدراسة، وينسوهم مما عانوه في العام الماضي.
ولكن هل اتخذت الوزارة (عامة)، ومديرياتها ومدارسها (خاصة) الترتيبات اللازمة لاستقبال أبنائنا الطلبة؟ أشك في ذلك، وربما بعضنا سيشاركني ذلك..
للأسف الشديد الواحد يخجل أن يكتب في مؤسسة تربوية تعليمية، ويصفها بالقصور، ولكن هذه حقيقة واضحة للجميع. فمنذ بداية الدراسة والآن تدخل أسبوعها الثالث، وما زالت بعض المدارس لم تتهيأ لاستقبال طلابها، نعم هم في صفوف الدراسة، ولكن هل فعلًا التهيئة الدراسية بدأت؟ وهل المرافق صالحة لبدء الدراسة؟ وهل المواد الدراسية مكتملة؟ وهل الكادر التعليمي مكتمل؟ وهل الحافلات المدرسية جاهزة فنيًا، ومهيأة لراحة الطلبة وسلامتهم؟
والكثير من التساؤلات التي كنا نطرحها في العامين الماضيين، ولا زالت هذه التساؤلات قائمة،
بحرقة أقولها -للأسف الشديد- لا، وهذا ليس كلامي أنا، ولكن الكثير علق وكتب في وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الجانب، وعلى الوزارة متابعة ما يكتب، إذا كان القصور من المديريات والمدارس تحاسبهم، ولكن إذا كان التقصير من الوزارة نفسها فلتحاسب نفسها؟
بدأ العام الدراسي ولكن جاهزية بعض المدارس صفر بالمئة، لا كتب دراسية مكتملة، لا قاعات دراسية مهيأة، ولا مرافق مصونة، ولا مكيفات صالحة، وحتى دورات المياه لم تُصنْ، وبعض المدارس أسوارها متهدمة من السنة الماضية ولا زالت، إذا كان كل هذا موجودا فإذا لماذا فتحت هذه المدارس أبوابها للطلبة؟ هل لتكرههم في العلم والتعلم، وتعقدهم في بداية مشوارهم الدراسي؟
رغم أن الكادر التعليمي بدأ العمل قبل الطلبة بفترة، فلماذا لم يصدر تقريره للمديريات بعدم صلاحية مرافق المدرسة؟
لماذا كل جهة تتهم الأخرى بالتقصير؟
فالأدنى يتهم الأعلى، والأعلى يدين الأدنى، والطالب وولي الأمر تائهان بينهما.
و بعد ما عانيناه من منغصات في الأعوام الماضية، بأسباب جائحة كرونا، والأنواء المناخية، وغيرها من الأسباب التي أوجدت لتغطية القصور في المرافق المدرسية، نعانيه هذا العام، رغم أن في جاحة كرورنا كان التعليم عن بعد، والمدارس خالية، فكانت فرصة للوزارة لعمل صيانة شاملة للمدارس، وتجهيزها للأفضل، ولكن ما شاهدناه كان الأسوأ..
أصبح ولي الأمر يشتري مستلزمات الطالب وأدواته المدرسية، وأيضًا هو مكلف بنسخ الكتب الدراسية التي لم توفرها الوزارة حتى الآن -حسب كلام مديري المدارس- وهذه المشكلة سنويًا نشاهدها- ويبحث عن وسيلة نقل (خاصة) مريحة ومهيأة. لنقل أبنائه، وربما في القريب العاجل يُكلف بدفع مبالغ لصيانة مرافق المدرسة، وتوفير الأدوات القرطاسية والأقلام للمدارس، إذا رغب بتعليم أبنائه !!!.
او يذهب بهم إلى مدارس خاصة ليريح كاهل الوزارة كما يذهب المسؤولون في الدولة بأبنائهم للمدارس الخاصة كي لا يعانوا مما يعانية ابن المواطن البسيط، والذين هم سخروا في مناصبهم لخدمة هذا المواطن..
إلى متى سيظل هذا السيناريو يتكرر مع كل عام؟ والله أصبح بعض الطلبة يكرهون اسم مدرسة، ويختلقون الأعذار لعدم الذهاب، ولهم الحق في ذلك..
فالطالب يعيش يومه الدراسي في تهديد وتأنيب، في الحافلة يهدده السائق إذا لم يلتزم بالجلوس يعاقب والحافلة مكتظة بالطلبة ضعفا فوق قدرتها الاستيعابية، وبلا تكييف، وفي المدرسة توبخه المعلمة أمام الطلبة إذا لم يحضر نسخة من الكتاب غير المتوفر، أو نسي دفتره، أو أي شيء من أدواته المدرسية دون مراعاة لنفسية هذا الطالب ووضعه الاجتماعي، وكأن هذا الطالب الضحية والتضحية لقصور المنظومة التعليمة.
ألا يكفي هذا الطالب أن يقوم من نومه في الخامسة فجرًا ويركب الحافلة في الساعة السادسة صباحًا، ويصل منزله الثالثة عصرًا، والمدرسة لا تبعد عن منزله سوى 20كم كأعلى تقدير؟ يظل في حافلة مزدحمة بالطلبة أكثر من ساعة ونصف تفتقد لأقل سبل الراحة (التكييف)، ناهيك عن حقيبة المدرسة التي بدورها تكمل على الطالب من ثقل وزنها؛ حيث تصل إلى قرابة 12كجم، كيف ستزرع في هذا الطالب حب المدرسة والدراسة وهو ناشئ وفي بدايته الدراسية؟
ما نعانيه نحن أولياء الأمور يصعب طرحه في مقال، فاتقوا الله في أبناء هذا الوطن، فهم المستقبل لمواصلة تقدم الوطن وتنميته وبنائه، ولا تنشئوا جيلًا يكره العلم بأسباب من السهل تداركها. “وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا”. (النساء: من الآية 128)