كلام واتساب… هل يثير القلق؟
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
من منا لا يستخدم تطبيق الواتساب؟ ومن منا ليس لدية مجموعات تضم مختلف الأجناس والأعمار والمستويات التعليمية والثقافية؟ بالطبع أغلب الناس لديها ذلك، ولكن لو سألنا أنفسنا ما الذي غيره هذا التطبيق في المجتمعات والأفراد؟ وما تأثيراته السلبية والإيجابية؟
سنجد أن الواتساب أجبرنا على التأقلم باللقاءات في العالم الافتراضي، فكم من أشخاص لم نرهم ولكننا نعرفهم في هذا العالم، ولو التقينا في أحد الأماكن في الواقع الحقيقي لما عرفناهم!
نستطيع القول: إننا تعرفنا على أشخاص لم نكن لنعرفهم في حياتنا لولا هذا التطبيق الساحر الذي أسر الجميع، وأصبح الدخول إليه إدمانًا لا محالة، فمن منا يستطيع اليوم الاستغناء عن وجود هاتفه بالقرب منه، حتى أصبح أقرب إلينا من أقرب الناس!
وحديثنا اليوم عن وسائل الاتصال التي تسمى بالاتصال المجتمعي أو الاجتماعي، وهي أحد أنواع الاتصال المهمة للفرد في حياته اليومية بشكل عام.
لو تعمقنا أكثر في فوائد هذه التطبيقات، وبالأخص الواتساب؛ لوجدنا أن له فوائد عظيمة، فإن كنت في أقصى بقاع الأرض تستطيع التواصل مع من هو في أقصى البقاع عنك، تستطيع محادثة من تريد بشرط وجود شبكة الإنترنيت.
ناهيك عن إمكانية إرسال الصور واستقبالها، ومقاطع الفيديو والملفات، وبهذه الخاصية تم الاستغناء عن بعض الوسائل التقليدية.
إذًا، هذا يؤكد لنا أهمية هذا التطبيق، فلا يمكن الاستغناء عنه في وقتنا الحاضر رغم وجود تطبيقات أخرى.
وإذا ما نظرنا للأمر من زاوية أخرى؛ فإن التطبيق يفتقد للغة الجسد التي تتميز في اللقاءات المباشرة، ولكن في ذات الأمر تم تفعيل خاصية الاتصال المرئي إلا أنها حجبت في بعض الدول.
تستطيع من خلال التطبيق من إنشاء مجموعات تضم عددًا كبيرًا من الأشخاص غير محدد بجغرافيا أو حواجز، وهذه المجموعات متنوعة بتنوع المشاركين بها ومستوياتهم التي ذكرناها؛ حيث تطرح المواضيع للنقاش يسودها الاختلاف في وجهات النظر، وهذا يرجع للثقافة العامة ومستوى الفكر والتعليم والعمر.
حوارات الواتساب تفتقد كثيرًا للمصداقية إلا ما تم نقله عن جهات رسمية؛ حيث أصبح الواتساب وغالب تطبيقات التواصل الاجتماعي مرتعًا لمروجي الفتنة والإشاعة.
بعض الحوارات تتجاوز حدود الأخلاق، فالتعصب للرأي يؤدي إلى إشعال شرارة الكراهية بين أفراد المجموعات الواتسابية، فمن الخطأ تعميم وجهة النظر وإصدار الأحكام على الجميع بسبب ما تراه أنت بعينك بتوهمك وخيالك الدامس.
بعضنا لا يتقبل أن يعارضه غيره عندما يتحدث عن أمر ما، ولا يرضى بوجهة نظر الأطراف الأخرى، ويشغل نفسه بالرد على كل شاردة وواردة، فيكرس وقته لمتابعة النقاشات والحوارات، وينسى واجباته ومسؤولياته خارج نطاق الواتساب.
نجد بعضهم في الاجتماعات واللقاءات مشغولًا بهاتفه، وكأنه غير موجود بين من حوله، وترى ملامح وجهه تتغير بين الحين والآخر، ينعكس ذلك على حالته النفسية، ويسيء التعامل مع الآخرين في بيته ومع أسرته وأيضًا مع زملاء العمل وأصدقائه، وقد يتعرض لأمراض، مثل ضغط الدم، والقلب لا سمح الله بسبب هذا التطبيق الذي يصبح مزعجًا وسلبيًا في هذه الحالة.
إذًا، يجب أن ندرك أن صحتنا وعائلاتنا وأصدقاءنا وزملاءنا أولى من الاهتمام بعالم إفتراضي يتحول من تواصل إلا انفصال، وعلينا مراعاة تلك الجوانب؛ لكي لا نقع في فخ الإدمان على مثل هذه التطبيقات التي تبث الفتنة والتفرقة بين أفراد المجتمع.
يجب أن نكون أكثر حكمة في التعامل مع هذه التطبيقات وأبرزها الواتساب، وأن نتعلم فن التعامل مع الحوارات الجافة التي لا تحقق نتائج إيجابية، وأن نستغلها الاستغلال الأمثل للحصول على الفائدة.
فالواتساب يثير القلق ما لم نتعامل معه بطريقة تبعدنا عن الجدال غير المفيد والمهاترات الهدامة، فلنرتقِ بتعاملنا بأسلوب راقٍ ومحترم.