العولمة والإعلام
الباحثة الإعلامية
نانسي نبيل فودة
عندما بدأ عصر العولمة كان يختص في بدايته سهولة التبادل التجاري بين الدول ، بشكل يضمن الحصول على منتجات من دول أخرى ذات قيمة سلعية منخفضة ، ومع التطور الكبير الذي حدث في المجال الإعلامي والهيمنة الكبيرة للإعلام في جوانب حياتنا ، شكلت العولمة مفهوم جديد مختلف عن المفهوم القديم لها، والذي لا يقتصر فقط على الانفتاح التجاري والتبادل السلعي الميسر ، بل توغلت العولمة في جميع مناحي حياتنا ، من عولمة فكرية ، وعادات جديدة ، وثقافات ذات تأثير ملحوظ على مجتمعاتنا ، والتي اخترقت العقول الشبابية بشكل تسللي من خلال شبكات التواصل الاجتماعية ، والصفحات الإلكترونية ، وأيضا من خلال الإعلام المرئي ، الذي جسد الكثير من المجتمعات الأخرى بشكل مثالي ومتحضر ، وغرس أفكار ومعتقدات داخلية أثرت على الشباب بشكل ملحوظ.
فسياسة العولمة هي المنافسة الكبيرة بين القوى العالميّة العظمى، وما يدفع ثمن هذه المنافسة المجتمعات الأخرى، والذي زاد ذلك من خطر فقدان الهوية المحلية، الأمر الذي تطلَّب اتباع مسار دقيق، كفيل بالموازنة ما بين تأثيرات العولمة، والحفاظ على الهوية، وإيجاد احترام متبادل للاختلاف، بصورة تضمن الحوار الإيجابي والسلام والتفاهم بين الجميع ، وأيضا مراعاة لحقوق الإنسان.
كما ظهرت المشاكل الاقتصادية التي نتجت على الصعيد العالمي، فقد أدى الانفتاح إلى هجرة الكفاءات والعقول من أوطانها للالتحاق بما يسمى التوظيف الدولي، والذي كان للإعلام دوره الكبير لذلك ، حيث عمل على تجسيد الدول الخارجية على أنها دول التطور والعدالة والرقي ، مما دفع الشركات الكبرى على استغلال الأيدي العاملة بأجور قليلة.
كما ظهرت العديد من الصراعات السياسية بين القوى العالمية الكبرى، بما في ذلك الصراع التجاري القائم والمستمر إلى وقتنا الحاضر بين كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، والذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعولمة ، وفرض الهيمنة، وتركيز القوة والثروة في أيدي فئة محددة من الشركات الكبرى، والتي قضت بدورها على منافسيها من الشركات الصغرى حول العالم.
ومن التأثير السلبي على البيئة؛ حيث أدّت العولمة إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة، ممّا أدّى إلى ارتفاع مستويات التلوث، والاحتباس الحراري، حيث تبحث الشركات عن البلدان التي تكون فيها القوانين البيئية أقل صرامة؛ لتتمكّن من التوسّع في إنتاجها دون رقابة مشددة من الدولة، فسيطرة العولمة والإعلام أحدث التوغل غير المقيد بأي شرط ، ولكن القيد يحدث من الدولة نفسها لوضع الرقابة والإمساك بالقيود الهامة والخطوط الحمراء لدى الدولة للحفاظ على الأساس المجتمعي والشبابي لها،وعدم فقد القيم والهوية من خلال العمل على التوعية الداخلية الإعلامية لديها .