بقلم الباحثة الإعلامية
نانسي نبيل فودة
أن يكون القلب صادقًا نابضًا بكل معاني البر فهو من أسمى معاني الحياة، فالبر لكل عزيز سواء كان على قيد الحياة أو فارقناه يقود القلب لينبض، والعقل يترجم البر في أجمل صورة وأسمى معاني تدفعنا للتفاني في رد الجميل والمعروف والإحسان والطاعة، سواء قولًا أو عملًا، فجميعنا نملك من الأعزاء الذين يملؤون حياتنا ويتربعون في قلوبنا، فهم تركوا الأثر الجميل الذى يجعل حديثنا دائمًا مليء بسيرتهم العطرة ونصائحهم التي غيرت مجرى حياتنا، فكم من أوقات عصيبة أحدثت هزات في حياتنا إلى أن تذكرناهم بكلمة، أو إرشادًا وأحيانًا فعلا، تجعلنا نعبر هذه العثرات بكل سهولة ويسر، فإن كانوا أحياء فهم الداعمين والمساندين لنا، وإن كانوا تحت التراب فنحن البارين والأوفياء لهم، فأحيانًا نغوص في ذاكرتنا ونجري أحاديث داخل أنفسنا، لماذا حرص وجاهد هؤلاء على ترك الأثر الطيب من أصدقاء وأقرباء وجيران لنتذكرهم بين الحين والآخر ولم يبخلوا أبدًا في دعم أو مساندة واسترسلوا في غرز السمات الجميلة بداخلنا وحرصوا على تكوين قناعة أن الأرزاق أيضا تكمن في الكثير من حولنا؟
إنها رسالة فطرية يتركوها لنا لكي نتذكرهم بكل ماهو طيب أحدثوه في حياتنا، وما عملوا من تغيير حياتنا إلى ما هو أفضل، فنسعى جاهدين لرد هذا الفضل بالعرفان والدعاء لهم، وأن نتذكرهم بكل جميل في حياتنا، فبرهم واجب على كل من ذاق حلاوة هذا الوفاء بالحرص على التمسك بهم إن كانوا أحياء، وأن ندعوا ونتصدق لكل من هو عزيز وغالي لنرسل لهم وهم في قبورهم أننا لن ننساهم أبدًا؛ لأننا شعرنا بجميل صنعهم ومدى حرصهم وتضحياتهم من أجل العطاء والذكرى الطيبة.
ولا نستطيع إقفال هذا الحديث بدون التطرق إلى بر الوالدين، فإن بر الوالدين هو من يجعل الجنة تبحث عنك في دار الآخرة والسعادة والرزق في الدنيا، لأنك أكرمت وأحسنت لهم صنعًا وقولًا، فقد راعوك في ضعفك وفي صغرك، فيجب أن تجاهد في سبيل دفع الأذى والخوف عنهم، والحفاظ عليهم في شدائدهم وضعفهم، فهي أمور مردودة إليك وأفعال ستجني ثمارها طول العمر.
راعوا آباءكم وأمهاتكم فاستوصوا بهم خيرا، اسعدوا ضمائركم ببرهم في محياهم ومماتهم، واعلموا أن الله مطلع بصير بالعباد، فإن بعدت المسافات بينكم فلا تنسوهم ببرهم في غيبتهم والإحسان لهم، والحرص على التواصل معهم، والمجاهدة للوصول لهم، فكل ساقي سيسقي بما سقي، فأحسنوا مذاق المشرب حتى تروي صدور أبنائنا من حلاوة ما يحتويه القدح.
