2024
Adsense
مقالات صحفية

“منهج القدَر والسعي”

سُليمان بن حمد العامري

في مستهلّ حديث اليوم، بعض من أبيات ” أبي الطيب المتنبي التي استحوذت على قلوب عشّاق الحكمة، ورُدّدت على ألسنتهم:
ما كل ما يتمنى المرءُ يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
وبطبيعة الحال، فإن المرء لا يعلم ما يخبّئ له الغيب في عِلم الأقدار، فيعود هذا كلّه لله وحده، فلهُ التيسير والتدبير. كما قال عزّ وجلّ في الآية الكريمة: (لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ) [الروم: 4]

وعلى كلّ حال، فإن الإنسان لا يدرك ما ينتظره في الساعات القادمة، سواء كان الأمر فيه فرحاً أو حزناً، وعليه أن يرضى بقدر الله برضىً تامّ بالمكتوب الذي كُتب على سطر كتاب الغيب، وهو اللوح المحفوظ، ونؤكد مستندين إلى مُحكم آيات الله بقوله تعالى:
﴿وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾
[يس: 10- 12].

ومما لا شكّ فيه، أن الله سبحانه وتعالى قدْ أمر الإنسان بالإيمان بالقدر خيره وشرّه، وعليه الجمع بين السعي والقدر، ولذلك أُمر الإنسان بعمارة الأرض، ليبحث فيها عن رزقه، وهذا ما يدلّل على أنه واجب على بني البشر الإنصاف بين السعي والقدر، لقوله تعالى:
“هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”
[الملك: 15].
ولذلك ينبغي لنا جميعاً عدم اتّباع نهج التواكل الذي يجعلنا ننتظر الأحداث تجري من حولنا لنقول في نهاية المطاف هذا قدر الله تعالى. ولهذا أمَرنا الله بأخذ نهج التوكل وتفويض الأمر إليه، مع العمل والاجتهاد والأخذ بكافة الأسباب لتحقيق مُرادنا.

وفي مقابل ذلك ‏إن القلب المملوء بالإيمان، المتصل باللطيف الخبير، لا تأتيه الخيبة والإحباط مهما أحاطت به شدائد الأمور، وثقل عليه كاهل الحياة؛ لأنه يستشعر رحمة ربه، ولطفه وإحسانه عليه.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أذكّر نفسي وإياكم، بأنه يجب على الإنسان ألّا يقنط مما سخّر اللهُ له من تدابير في هذه الحياة، آخذاً بأسباب السعي.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights