خلفان بن ناصر الرواحي
لقد تطرقنا في مقالاتنا السابقة إلى بعض المواقف التي وجدنا عليها سكان هذه المنطقة، التي تتعلق بالوضع الاجتماعي والمعيشي السائد، وكل ذلك نتيجة للوضع الاقتصادي لدولة تنزانيا على وجه العموم، حيث تخضع هذه المنطقة تحت سيادتها، فالوضع الاقتصادي أصاب الغالبية العظمى للعيش في خط الفقر والبطالة، إلا أن الكفاح من أجل البقاء والصبر على قساوة الحياة هو سمة سائدة عند سكان هذه البلاد، ولا تجد من يتذمر علنًا، أو يتسول في الطرقات لطلب المساعدة ممن قدم عندهم للسياحة إلا من قلة نادرة.
فرغم قساوة الحياة تجد هناك نشاطًا كبيرًا في المجتمع، فهناك من يعمل في الزراعة، وهناك من يعمل في التجارة، وغيرهم في البناء والمهن المختلفة، رجالًا ونساء، أطفالًا وشبابًا وكبارًا. فتجد على أغلب الطرقات انتشار المحلات التجارية التي بدأت تتزايد نتيجة الحركة السياحية من بعض الدول العربية والأوروبية، وادخار الأموال من بعض المواطنين الذين يعملون خارج البلاد لتستثمرها في مثل هذه المشاريع أيضًا.
بإلإضافة لذلك، فهناك مشاريع استثمارية اكتملت وبعضها بدأ العمل فيها من قبل بعض المستثمرين المحليين أصحاب رؤوس الأموال من المواطنين والمقيمين، وبعض الاستثمارات الأوروبية والآسيوية أيضًا، والتي تعطي جميعها مؤشرات اقتصادية إيجابية في المستقبل لتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.
يتحلى سكانها بالصبر على كسب الرزق، فتجدهم يتناوبون في البيع، سواء في بسطاتهم على الطرقات أو في الأسواق، أو في محلاتهم الخاصة أو المستأجرة، ويعملون طول وقت النهار حتى ساعات متأخرة من الليل دون كلل، ويبحثون عن توفير لقمة العيش بعرق جبينهم حتى وإن كان المردود بسيطًا.
إن اللافت للنظر أيضًا تنوع وسائل نقل الركاب عندهم، فهي متنوعة في بساطتها؛ فتجد الحافلات الخاصة، والسيارات الكبيرة التي هي في الأصل لنقل البضائع والمواد المختلفة، والدراجات النارية، وهناك استخدامات فردية خاصة لنقل أبنائهم الطلبة للدراسة عن طريق الدراجات الهوائية، وفي بعض الأحيان تستخدم العربات التي تجرها الأبقار أو الحمير، فأغلب هذه الوسائل تكون ممتلئة أكثر من سعتها المخصصة!
وللمرأة هناك دور كبير في المشاركة في توفير لقمة العيش الكريم، فهي حاضرة ومشاركة للرجال في أغلب الأعمال المتوفرة، فتجدها في بسطات البيع المختلفة، وخاصة لمنتوجات المزارع، وبيع الأسماك، وفي البناء وغيرها من المهن الأخرى، التي أجبرتها عليها ظروف الحياة.
فمن هذه المواقف نستخلص أن الحياة ما هي إلا قصةٌ صغيرة يجب أن نتعلم منها كي نعيش سعيدين على الرّغم من قسوَتِها، فمن يجتهد يبلغ مراده، ومن يصبر يصل للنهاية، وينل بعد بلوغِه راحة البال، ولنعلم أن هناك بعض الناس تعيش حياة قاسية لكنها ليست مستسلمة لواقعها الذي تعيشه، بل تكافح من أجل الكرامة والعيش الكريم، وهناك من يملك القدرة على العطاء والعمل، ولكنه متقاعس ولا يسعى للكفاح للوصول للهدف.