فيضانات المناخ الجديد
طالب المقبالي
muqbali@gmail.com
تشهد معظم ولايات سلطنة صيفاً حارقاً لا يحتمل في أشهر الصيف من كل عام، وقد شهدت معظم ولايات السلطنة أمطاراً متفاوتة الغزارة من الأول من شهر يوليو الماضي مع جريان الشعاب والأودية جراء تعرض البلاد لمنخفض السيل الخصيب.
وقد تحولت أجواء الولايات بجنوب وشمال الباطنة تحديداً وبقية محافظات سلطنة عُمان إلى أجواء ملبدة بالسحب حجبت الشمس لعدة أيام، كما شهدت بعض الولايات أجواء خريفية شبيهة بتلك الأجواء التي تشهدها محافظة ظفار هذه الأيام من تساقط الرذاذ وزخات من المطر ينشط في فترة المساء مما يؤدي إلى جريان الأودية والشعاب.
وقد تواصل هطول الأمطار على ولايتي الرستاق والعوابي بعد انتهاء المنخفض التي تتشكل كل مساء.
ومع مطلع الشهر الجاري شهدت ولايتي الرستاق والعوابي هطول أمطار غزيرة جداً تجاوزت غزارتها 290 ملي مما أدى إلى جريان وادي بني خروص بولاية العوابي، ووادي الفرعي بولاية الرستاق بشكل مهول لم يحفظ كبار السن له مثيل من قبل، ولا في العقود الماضية.
حيث تعرضت عدد من قرى ولايتي الرستاق والعوابي إلى أنواء مناخية مفاجئة وجريان للأودية بلغ ارتفاعها بين ثلاثة إلى خمسة أمتار، فجرفت معها الأودية كل ما اعترض طريقها من طرق وجسور ومنازل ومركبات ، حتى المعدات الثقيلة لم تسلم فقد جرفتها المياه الجارفة، كما جرفت معها المنازل والمزارع، وقد لجأ السكان إلى الأدوار العلوية من المنازل وكذلك أسطح المنازل لساعات عدة من الليل إلى أن هدأ جريان الأودية التي أتت على الأخضر واليابس، وأتلفت جميع الأجهزة الكهربائية والأثاث والمواد الغذائية وكل شيء مرت عليه في طريقها.
لقد أدى هطول الأمطار وانجراف الأودية بقرى وادي بني عوف بولاية الرستاق إلى عزل القرى بهذا الوادي، فحطم الطرق وانقطعت الكهرباء والهاتف، وانقطع التواصل عن قرى الوادي لمدة ثلاثة أيام.
لقد وصف أحد المواطنين بأن الوضع عاد بهذه القرى إلى ما قبل السبعينات من حيث انعدام الطرق والكهرباء ووسائل الاتصال، وقد أصبحت هذه القرى معزولة تماماً عن الولاية، حتى المواد التموينية انقطعت عنهم بسبب الخراب الكبير الذي وقع على الطريق الرابط بين قرى الوادي وولاية الرستاق.
كما أدى انجراف مياه الوادي إلى فيضان كبير في سد وادي الفرعي مما داهم قرى الغشب والطيخة وجرف أيضا الطرق والمزارع والمنازل والمركبات والماشية بهذه القرى التي مر عليها، وبلغ ارتفاع مستوى المياه إلى عدة أمتار في بعض الأماكن، وتم قطع الكهرباء والهاتف وتكسرت الطرق المسفلتة.
وكعادة العمانيين في الترابط والتآخي واللحمة في المواقف الصعبة مما يثلج الصدر من تلك اللحمة من المواطنين من الرستاق ومن الولايات الأخرى الذين يقومون بتنظيف المنازل والمساجد وغيرها من المرافق المتضررة، كما قامت مجموعات من الفرق التطوعية والمؤسسات الخيرية بدور فاعل للتخفيف عن المواطنين.
كذلك قامت الجهات المعنية بإعادة التيار الكهربائي للقرى والمنازل التي انقطعت عنها الكهرباء، فيما تواصل الجهات المختصة العمل لإصلاح الطرق المتضررة وذلك تسهيلاً لإعادة الحركة المؤدية إلى القرى المتضررة.
كما تتواصل الجهود في ولاية العوابي إلى إعادة الأوضاع إلى طبيعتها، فالأضرار متشابهة والخسائر متنوعة، ولكن عمان بتكاتف شعبها ووحدتهم ولحمتهم عند النوائب ستعود الأوضاع إلى ما كانت عليه وأفضل بإذن الله تعالى.
وختاماً أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى الفرق الخيرية التابعة للجان التنمية الاجتماعية، وشرطة عمان السلطانية، والبلديات وكافة المؤسسات الحكومية والأهلية، وإلى وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وكل من ساهم وقدم الخدمة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في القرى المتضررة بهذه الأنواء.