“ملاك” الجزء الثاني
بدرية بنت حمد السيابية
وأثناء خروج ملاك من منزلها، وهي تودّع أمها وأباها بكلّ فرح وودّ، حدث شيء غير متوقّع، وماتت الفرحة في قلب ملاك وقلب والدَيها، حيث أغميَ على ملاك فجأةً، فهي لا تشكو من شيء ولم تذكُر لأمها أو لأبيها بأنها مريضة أو أنها تعاني من ألم في جسدها، وظلّت ملاك مغمىً عليها لساعتين، حتى حضر الطبيب وخيَّم الحزن على ذاك المكان.
خرج الطبيب من غرفة “ملاك” وملامح وجهه توحي بأنَّ ثمة شيء خطير قد أصاب الفتاة الطيّبة المُحبّة للخير، قال الطبيب لوالد ملاك:
أعلم بأن الخبر الذي سأعلِمك به سيجعلك قلقاً على ابنتك، ولكنني مجبور على إخبارك بأن ابنتك ملاك قد تعرضت لجلطة في الدماغ، وهذا سيجعلها لا تتحرك ولا تتحدث لفترة لا أستطيع أن أحددها، فادعُ الله بأن تقوم بالسلامة.
بكيا والد والدة “ملاك” بكاءً مريراً، فقد انطأفت شمعتهم المضيئة وهجاً وفرحاً، سيطر الحزن على قلبيهما، وعلى قلب كل من يعرف “ملاك” عند تداول خبر مرضها، فكان الأطفال يسترقون النظر من خلف نافذة غرفة “ملاك” والدمعة تنزل على خدودهم الصغيرة، وقلوبهم الطاهرة مكسورة، وألسنة حالهم تردّد: انهضي يا ملاك، فقد اشتقنا لكِ، اشتقنا لابتسامتك، اشتقنا لحديثكِ الرائع، اشتقنا لهداياكِ وتوزيع الحلوى لنا.
وظلّت “ملاك” طريحة الفراش لِما يقارب شهرين من الزمن، وهي لا تعلم ما يدور من حولها، والحزن يوماً بعد يوم يخيَّم على قلوب أسرتها الصغيرة، وظلّ الحال هكذا مع بطلة قصتنا “ملاك”، ولكنّ الأمل لم يمُت في قلب والديَها، فثقتهم برب العالمين كانت كبيرة، وأنَّ الله سيشفي ابنتهم الوحيدة، وستعود وهي معافاة مشافاة، وستعود البسمة والفرحة لقلوبهم.
وذات يوم، ذهبت والدة “ملاك” كعادتها في كل صباح تطلّ على ابنتها، وتنظّف المكان، وبعد الانتهاء لاحظت والدة ملاك بأن ثمة تغيَّر في موضع مكان يدها، حسب ما تذكر بأنَّ يدها اليسرى كانت ممتددة بشكل مستقيم موازٍ لجسدها، ورأت بعد ذلك أن يدها وُضِعَتْ على صدرها وكأن أحدهم حرّك يدها، وظلّت الأفكار تدور في مخيّلة الأمّ.
فجلست في غرفة ابنتها لعلّها تجد جواباً، وفي داخلها يقول: أسألك يا الله أن تكون ملاك قد حرّكت يدها، فظلّت الأمّ تراقب ابنتها “ملاك” لساعات طويلة حتى داهمها النعاس وهي جالسة على كرسيّ قديمٍ خشبيّ يُصدر صوتاً عندما يتحرك، نهضت الأم، وأثناء خروجها من الغرفة لاحظت أن أصابع “ملاك” تتحرك، فرحت الأم بذلك وخرجت مسرعةً لتبشّر والد “ملاك” بما رأته، وتدعوه للدخول إلى الغرفة حتى يشاركها الفرحة.
انتظروني في الجزء الثالث من قصة “ملاك”.
ملاحظة:
أسماء الشخصيات من نسج الخيال.