فن كتابة المقال
طالب المقبالي
muqbali@gmail.com
من الضروري قبل أن تشرع في كتابة المقال أن تجد عنواناً للموضوع لتؤسس عليه مقالك، فعنوان المقال من وجهة نظري هو الركيزة الأساسية لصنع المقال، وهو القاعدة الأساسية لبناء مقال متكامل.
أما أن تكتب مقالاً ثم تبحث له عن عنوان مناسب فإن هذا يجعل المقال غير مبني على أساس.
فعلى سبيل المثال عندما يخطر ببالك كتابة مقال تبحث له عن عنوان مناسب ولافت للنظر، وعلى ضوء ذلك العنوان تبني بقية عناصر المقال.
أحياناً تكون بعض العناوين قوية وجريئة، فيُطلب منك تغيير العنوان بما يتوافق مع أنظمة الصحيفة الناشرة، ففي هذه الحالة من الصعب إيجاد العنوان البديل الذي يستحقه المقال.
فعندما تعتزم كتابة مقال ولديك الرؤية الواضحة لكتابة مقال مكتمل الأركان يجب ألا تضاف إلى المقال أي اقتباسات من مقالات أخرى، ومن بحوث وتجارب الآخرين.
فالكاتب صاحب الملكة والقدرة على الكتابة، عندما يمسك القلم يسترسل في الكتابة إلى أن ينهي الفكرة التي في رأسه، أما أن تبحث في محركات البحث كجوجل وغيرها لتعزز مقالك فهذا ليس أسلوب كاتب متمكن، فالكاتب يجب ألا يخلط مقاله باجتهادات الآخرين.
للأسف نصادف في كثير من الأحيان مقالات تصل فيها نسبة الاقتباس إلى 40 أو 50 % دون الإشارة إلى المصدر المُقتبس منه ذلك المقال، وإن تم ذكر الاقتباس فلا يعني أن المقال من بنات أفكار ذلك الكاتب، وإنما مجرد نسخ ولصق.
فالمجالات التي يتم فيها الاقتباس يجب أن تكون محدودة، وتتمثل في الإشارة إلى مرسوم أو قرار، أو قانون، أو نظام يشار إليه لضرورة التوثيق لا أكثر، أما أن يعتمد الكاتب على الاقتباسات فإن ذلك لا يمكن إلا أن يكون انتحالاً أو سرقة.
يسعى بعض الكتاب إلى الترويج لمقالاتهم من أجل الإطراء والمديح، وإذا ما واجه النقد فإنها تثور ثائرته وينقلب على من حوله، في حين أن الكاتب الحقيقي والمتمكن يجب أن يتقبل النقد البناء، فهذا يحسن من أدائه ويستفيد من أخطائه، فإذا كان الكاتب من النوع الذي لا يتقبل النقد فعليه التخلي عن الكتابة، وترك المجال لمن هم أهل له.
للأسف بعض الكتاب يريدون الشهرة والظهور من خلال كتابة المقالات ونشرها في الصحف، فالكاتب يقضي جل وقته بين صفحات الأنترنت ينسخ من هذا وذاك، ثم يحور المقالات ليخرج بمقال متقارب مع مقال آخر وفكرة أخرى مع اختلاف في الصيغة، في حين أن المضمون واحد.
وتتنوع المقالات بتنوع موادها ومضامينها، فهناك المقال الصحفي، والمقال الأدبي، والمقال التحليلي، والمقال الافتتاحي، والمقال النقدي، والمقال العمودي والمقال الوصفي والمقال القصصي.
وكل كاتب له أسلوبه وتوجهه في الكتابة، وأحياناً تكون هناك ظروف تفرض نفسها على الكاتب ليكتب مقاله فيها، ومن وجهة نظري فإن لكتابة المقال ملكة شبيهة بملكة الشعر، وهذه الأخيرة لا تأتي أبداً إلا إذا حركتها أحداث أو ظروف أو مشاعر معينة، وكذلك المقال لا يأتي إلا إذا كانت هناك مناسبة معينة، أو أحداث طارئة تفرض نفسها على واقع الكاتب فيكتب مقاله دون تردد أو تكلف أو تصنع.
ختاماً كثير من المعلقين على مقالاتي يصفونها بالبسيطة والسهلة ومكتوبة بلغة مفهومة، ربما هذا الكلام يحبط الكثير من الكتاب، لكنني أراها حقيقة، لأنني أكتب بلغة يفهمها عموم الناس بمختلف ثقافاتهم، وأهم شيء أن أوصل رسالتي للجميع بصيغة مفهومة وبلغة غير متكلفة، فكتاباتي جلها رسائل، وقد أطلقت على كتابي بأجزائه المتنوعة كتاب “رسائل”.