حياة الغافلين
الكاتب / عبدالله بن حمد الغافري
Alssedq@hotmail.com
الحمد لله الذي أحيانا بالذكر الحكيم والصلاة على خير الذاكرين وعلى آله وصحبه والتابعين..
تمر الحياة بالإنسان بما فيها من أحوال وظروف متقلبة بين يسر وعسر، ورخاء وشدة، وغنى وفقر، في معترك قصير المدى يمثل المدة الزمنية التي يمنحها الباري للمخلوقين، ولقد كانت الحياة عبارة عن حصة زمنية يبتلى فيها الناس ويختبرون بما أوجبه الله تعالى عليهم من عبودية وذكر له سبحانه وتعالى.
وحتى لا تضيع همة الإنسان وحتى لا ينفرط عقد الرباط بين العبد والمعبود؛ فإن الله تعالى أكرم عباده بإرسال الرسل وإنزال الكتب وتشريع الأحكام والعبادات التي تذكر الإنسان بخالقه وتجعله موصولاً به، بالإضافة إلى كونها علامة التعبد والإقرار بألوهية الله تعالى ووحدانيته وربوبية!!.
قال سبحانه:{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ}
[الحِجۡرِ: ٩]
وقال جل شأنه:{كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ مُبَـٰرَكࣱ لِّیَدَّبَّرُوۤا۟ ءَایَـٰتِهِۦ وَلِیَتَذَكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ}
[صٓ: ٢٩]
و الآيات في ذلك كثيرة،
ويروي أبو موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:(مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت..)!
والغفلة عن ذكر الله تعالى من أهم الأخطار التي يلبسها الشيطان الرجيم -نعوذ بالله منه-. لذلك تجد الشيطان يزين للإنسان ملذات الدنيا وشهواتها، ويشغله بالاستزادة منها، ويحمله على الاشتغال بها حتى إذا فات العمر وانقطع الأجل فرح الشيطان بغفلة الإنسان الذي سيلقى الله تعالى بدون عمل يقربه من نيل مرضاة الله أو الفوز بشيء مما يمكن أن يجزيه الله تعالى به أو ينجيه بسببه من عذابه لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، فالإنسان حينها يقول: {یَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی قَدَّمۡتُ لِحَیَاتِی}-الفَجۡرِ: ٢٤]. ولكن هيهات فالغفلة أفسدت كل شيء!، فما مفهوم الغفلة؟
الغفلة: سهو يعتري الإنسان من قلة التحفظ والتيقظ.
والغفلة: متابعة النفس على ما تشتهيه.
والغفلة: غيبة الشّيء عن بال الإنسان، وعدم تذكّره له.
والغفلة عن الشيء: نسيانه، وإهماله، والإعراض عنه!
(منقول)
وإن من أهم أسباب الغفلة ما يلي:
١. الاشتغال بملذات الدنيا وشهواتها وزخارفها والألعاب.
٢. معاقرة الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وتيسير ذلك في الفنادق والمنتجعات
٣. اللهث وراء المال وكنزه
٤. البعد عن القرآن الكريم وعدم تلاوته وهجره
٥. الغفلة عن الأذكار اليومية.
٦. عدم استغلال المواسم التعبدية كالصيام والحج وزيارة الأرحام
٧. غياب مفهوم التأمل والتدبر في الموجودات الكونية والآيات العظيمة التي تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى
{سَنُرِیهِمۡ ءَایَـٰتِنَا فِی ٱلۡـَٔافَاقِ وَفِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ یَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ}-[سُورَةُ فُصِّلَتۡ: ٥٣].
٨. التقليل من قيمة التشريعات والعبادات والتشكيك في مشروعيتها!
٩. نشر الإلحاد والطعن في وجود الخالق وأن الإنسان ما وجد إلا صدفة! {وَقَالُوا۟ مَا هِیَ إِلَّا حَیَاتُنَا ٱلدُّنۡیَا نَمُوتُ وَنَحۡیَا وَمَا یُهۡلِكُنَاۤ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ وَمَا لَهُم بِذَ ٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا یَظُنُّونَ}-[الجَاثِيَةِ: ٢٤].
فمن رحمة الله تعالى بنا؛
وجود المساجد في كل الأحياء السكنية والأسواق والمصانع، والتي تذكر بالله سبحانه وتعالى رغم كل المشاغل والملهيات، فحي على الفلاح تصدح في كل زمان ومكان لمحو الغفلة والتذكير بالله تعالى. ومن رحمة الله بنا وجود القرآن الكريم الذي يمحو الغفلة بتعهده. ومن رحمة الله تعالى إرسال الرسل الذين يذكرون بالخالق جل وعلا.
ومن رحمة الله الآيات التي بسطها الله في الكون الفسيح والتي تبين عظمة الله تعالى ووجوده وأزليته.
لذلك على الإنسان أن يتدارك نفسه ويلجم غفلتها بذكر الله وتذكر الموت وأن العمر سينقضي! كما يرغب نفسه فيما عند الله وأن الجنة هي الحياة الأبدية قال سبحانه: { فَٱذۡكُرُونِیۤ أَذۡكُرۡكُمۡ وَٱشۡكُرُوا۟ لِی وَلَا تَكۡفُرُونِ }-[البَقَرَةِ: ١٥٢].
وقال: {… وَٱلذَّ ٰكِرِینَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا وَٱلذَّ ٰكِرَ ٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمࣰا }-[الأَحۡزَابِ: من آية ٣٥].