“مسعود بن حارب” سطر للتاريخ عنوانا
سُليمان بن حمد العامري
قلعة “العوامر” من القرى الأثرية من قبل عصر الإسلام، وهي واقعة من الجهة الغربية من ولاية إزكي بمحافظة الداخلية، التي تتميز بعدة معالم أثرية ومن أهمها الحصون الشامخة التي تعلو القرية وتزينها، وهذا يعود إلى المسمى الذي تميزت به اليوم، وكذلك بها فلج المبعوث الذي يروي أراضيها من أقصى الشمال المحاذي غربًا إلى أدنى الجنوب، وهي غنية عن التعريف.
لربما كُتب عنها مقالات كثيرة؛ فالحديث اليوم عن سيرة بعض أبنائها الذين أنبتتهم نباتًا حسنًا، نعم، الأرض الطيبة لا تنبت إلا نباتًا طيبًا. وهكذا خرج من بطنها رجال أوفياء عاصروا الأزمان، وأثبتوا وجودهم حتى أصبحوا بين المجتمع رجالًا يقتدى بهم نعم، إنه الجد “مسعود بن حارب بن ناصر العامري” ، فهناك شخصيات أخرى لا يسعني ذكرها ولها من المنجزات التي لا أستطيع حصرها وكتابتها وتحتاج لها مجلدات.
لقد اخترت هذه الشخصية بقربي منها في زمن من الأزمان، نعم، تجمعني به علاقة عائلية وطيدة، ولا يسعني إلا أن أبدأ بالاختصار عن سيرته العطرة.
ولد الجد مسعود بن حارب بن ناصر العامري في عام ١٣٤٢ للهجرة الموافق ١٩٢٤ للميلاد.
نعم، أحيانًا لا نسيطر على القلم عندما نتكلم عمن هم رمز وشعار وقدوة نفتخر بهم، وتعجز أفكارنا أن نخرج شيئًا من سيرتهم فنجتهد بالقليل؛ لكي نصل إلى حياتهم المملوءة بصلاح وسيرة للكفاح التي كانوا عليها، نعم، إنه الجد “مسعود بن حارب بن ناصر بن عامر العامري” من سكان قلعة العوامر، الذي كرس حياته فيها ما يقارب المئة عام.
يعد مرجع الثقات ورمزًا للتسامح والصفاة الحميدة، فسيرته التي نشأ عليها منذ نعومة أظفاره وبراءة طفولة عاشها مُناضلاً، وهو في سن الصغر عندما كان يتيم الأب، فتربى في كنف جده “ناصر” الذي أقامه على البنيان المتين، أرسله ليتعلم علوم القرآن وأحكامه؛ فهكذا تُبنى الأجيال في ذلك الزمان وتربى على الكفاح والصعاب. لقد كان عمله الدؤوب المتقلب بين ربوع البلاد من أقصاها وأدناها، ملك قلوب البعيد والقريب مصلحا وأمينًا يؤتمن.
ومما يذكر أن الجد مسعود أدرك زمن الإمام “محمد بن عبدالله الخليلي” ، وكان له العديد من العلاقات والمراسلات مع أبرز الشخصيات في ذلك الزمان، ومن أهمهم أمير الشرقية الشيخ “أحمد بن محمد بن عيسى الحارثي” ، والشيخ “علي بن زاهر الهنائي” الذي كان واليًا على “المضيبي”.
في عام ١٣٩٥ للهجرة الموافق ١٩٧٥ للميلاد صدر قرار من وزير العدل، السيد هلال بن حمد البوسعيدي بتعيينه بمنصب “كاتب لصكوك توثيق المواثيق بولاية إزكي”.
وفي عام ١٤٢٢ هـ الموافق ٢٠٠١ للميلاد وفي صبيحة يوم الجمعة انتقل إلى رحمة ربه- رحمه الله رحمة واسعة-، رحل من الدنيا، ولكن في قلوب أحبابه وأحفاده ما زال حيًا وأثره خالد، فقضاء الله مطاع، انتقل إلى جوار ربه تاركًا قلوباً تشتاق له في كل زمان وكل حين.
فهكذا هم دائماً المشمرون في كل عصر ومكان؛ يحكى ويحتذى بهم.