أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
الحياة حلقة دائرية، كل شَيءّ تفعله وتقوم به سيعود يومًا إليك، وليس شرطًا أن يرجع إليك بنفس الصورة والتفاصيل؛ لذلك افعل ما تحب أن يعود إليك، وركز على ما تريده في هذه الحياة وستحصل على المزيد منه، واحرص دائمًا على فعل الخير وما هو جميل، والنقطة المهمة هنا هي أن كل من يزرع بشكل قليل سيحصد بالقدر الذي زرعه، ومن يزرع بوفرة سيحصد أيضًا بشكل وفير. يقول أحدهم: أريد أن يكون أبنائي إيجابيين واجتماعيين ومتعاونين ويقدموا الخير للآخرين، وهو لا يمتلك كل هذه الصفات؛ يتميز بالسلبية والانتقاد لكل شيء، لا يحب أن يتعاون مع الآخرين، ينتقص ويقلل من شأن الكثيرين؛ فهل تعتقد بأن أبناءك سيكونون كما تعتقد وتتصور؟!
هناك الكثير من الأمثلة التي يمكن طرحها في هذا السياق بما نشاهده اليوم في مجتمعاتنا بما يتعلق بالسلوك والتصرفات والأفكار والمشاعر والكلمات وغيرها سواء كانت على مستوى الأسرة، أو المجتمع، أو العمل، أو المعاملات بشكل عام.
بعد هذه المقدمة البسيطة هل تهتم بما تفعله وتتوقعه من حيث أفكارك، وكلماتك، ومشاعرك، وأفعالك؟
كل منا يود في يوم ما أن تكون لديه -مثلًا- أسرة مترابطة، وعمل جيد، وأصدقاء مناسبون، كل هذه الأشياء يمكنك الحصول عليها وعلى ما تريد في هذه الحياة، وتحقق رغباتك وطموحاتك بشرط أن تفعل شيئًا لتكون لديك كل هذه الأشياء، فإذا كانت تربيتك لأسرتك مبنية على الدين والحب والتفاهم؛ فمن الطبيعي أن تحصل على الأسرة التي تحبها، وإن كانت لديك شهادة علمية؛ فستحصل على وظيفة، وإن اخترت أصدقاءك بعناية فسيكون لديك أصدقاء مناسبون لأفكارك وطموحاتك، لهذا يحتاج منا أن نعمل ونفعل ما نتوقعه بأن يعود بالخير علينا.
عزيزي القارئ، يجب عليك أن تتأكد بأنك تستخدم عقلك في كل ما تفعله وتود القيام به، وتحب أن يعود يومًا إليك، وأقصد هنا عقلك الذي تستخدمه لتميز بين الصواب والخطأ، وليست عقول الآخرين؛ ولا تتبع وتقلد القطيع في كل شيء، حتى لو كان العالم كله يركض معه، فكل ما عليك فعله هو اتباع الطريق الصحيح الذي تراه أنت، حتى لو كنت الوحيد الذي يسير عليه، ولكن -وللأسف الشديد- أصبح بعضنا يقلد القطيع بكل تفاصيله حتى وإن كانت هذه التفاصيل لا تتناسب مع دينه وأفكاره وعاداته وتقاليده، وفي النهاية ينتظر أن يعود هذا عليه بالخير يومًا ما، وهنا أقول: إن الحياة قد تتعثر بنا في الكثير من المواقف، ولكنها لا تتوقف أبدًا؛ لذلك يجب علينا أن نواجهها بكل ما نملك من عقل وقوة وشجاعة وأمل، وأن نعمل فيها ما نود أن نراه أمامنا في يوم من الأيام.
