تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

المفتاح…

هلال بن حميد بن سيف المقبالي

ربما سيستغرب القارئ الكريم وتأخذه الدهشة من عنوان المقال، ويفكر ماذا سأكتب عن تلك الآلة التي تفتح الأبواب المحمية والخزائن المؤمنة؟
وعلى الرغم من ضآلته نلاحظ تطور هذا المفتاح مع التقدم التقني، وأصبح المفتاح الآن كبسة زر لأرقام أو زر جهاز، أو بصمة عين أو اصبع، أو نبرة صوت، وأصبح أكثر أمنًا، وبالرغم من كل تلك التقييمات ما زال اختراقه سهلًا لدى البعض.

يختلف المفتاح باختلاف استخداماته وطريقة عمله، ومفتاحنا َهنا وسيلة وليس بأداة أو آلة مصنعة، ولكنه يؤدي نفس أداء هذه الآلة وأفضل منها، وربما قد صادف أو يصادف بعض منا ذات مرة، أو ربما بعضنا قام باستخدامه، فالمفتاح هذا يمثل دورًا مهمًا في مجتمعنا، فهو المحرك للأمور المستعصية، والمسهل للمواضيع المتعثرة، فلا ترد له كلمة، ولا يخذلك في موقف، ولا يعصي لك أمرًا، ولا يغلق له باب، وتظهر حاجة هذا المفتاح عندما تضيق بك الدائرة في موضوع ما، سواء أكان الموضوع مرتبطا بطرف آخر صعب التعامل معه مباشرة، أو تاخر طلب ما من خلال مؤسسة خدميه: حكومية كانت أو خاصة، و عند تكرار المراجعة لدائرة ما لأكثر من مرة، ويُرد عليك الموضوع قيد الإجراء، وتسعى جاهدًا لتخليصه، ولكن في كل مرة تجد عقبة ما تعيق انتهاءه، ويظل الموضوع عالقًا تحت رحمة موظف أومسؤول ما، أو في بعض الأحيان بين أيدي أشخاص معينين، وتمر الأيام والشهور، وربما سنوات ولا تسمع غير ما زال في الإجراء، والانتظار يطول ويطول، تبدأ بسرد معاناتك لمن حولك، وعند الصحب والأقارب، حينها يأتيك الجواب الصاعق “عليك بالمفتاح” أو “ابحث عن المفتاح”؟
لتبدأ بعدها مرحلة البحث عن المفتاح الذي يساعدك لإنجاز ما تريده، بعد أن استنفدت جميع طاقاتك، ومتى وجدتَ المفتاح حتمًا سينجز لك الموضوع بأسرع وقت ممكن، متجاهلًا بعض النواقص والسلبيات -إن وجدت- وبأقل جهد ممكن، وفي وقت قصير.

وعرفت وأنا أهم بكتابة المقال أن العرف السائد في هذا الموضوع أن من يتوصل للمفتاح أو يعرف المفتاح سيكون طرفًا ثالثًا بين صاحب العلاقة وبين المفتاح، لتبدأ بعدها مرحلة التفاوض المالية لتخليص الموضوع، فالكل يأخذ نصيبه، ولا أعلم هل ذلك الشخص سيكون له نصيب من ذلك المبلغ أو أنه يقدم خدمة إكرامًا لمفتاحه؟ كما يحلو للبعض تسميته، وكم من التجاوزات حدثت كان المفتاح سببًا فيها.

ليس شرطًا أن يكون المفتاح محليًا (مواطن)، قد يكون في أغلب الأحيان مستوردًا (وافد)، وهذا المفتاح أقوى من المحلي (فهو المستركي)، وهذا الأمر ليس جديدًا لدى البعض، فالكل يعلم ذلك من خلال التعاملات المجتمعية والمؤسسية، فلان مفتاحه فلان، كلمات بتنا نسمعها كثيرًا في مجتمعنا،فهل حقًا أصبحنا بحاجة إلى مفتاح لتخليص معاملة لنا أو إتمام لموضوع ما؟ إذا كان الجواب “نعم” !! إذن أين ذهب حس المسؤولية؟ وأين ذهبت الأمانة الوظيفية وأخلاقيات المهنة؟
وهل فعلًا صدقت العبارة التي كان يرددها لنا آباؤنا منذ زمن “تعرف حد أنته ود حد”.

هنا لا نعمم الموضوع للجميع، فهناك الكثيرون أيضًا ممن ضمائرهم موجودة، وحسهم في أداء واجبهم الوظيفي عالي، ويمارسون أعمالهم بأمانة الوظيفة، وأخلاقيات المهنة.

ولكن وعند كل العقبات سيظل المفتاح كما سابق عهده، رغم ضآلته وسيلة صعب الاستغناء عنها، أليس كذلك؟

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights