“استغل وقتك”
بدرية بنت حمد السيابية
عندما يولد الإنسان يبدأ بصرخة وبكاء مستمرين، ولكن هذا الشيء يشعر من حوله بالسعادة والفرح، وتنزل دموعهم فرحا واشتياقا حتى يشاركهم في رحلة الحياة، وحمل هذا الكائن الصغير بين ذراعيهم، وأخذه في أحضانهم وهم يتأملون فيه، فتارة يبكي، وتارة يصمت، يغمض عينيه الصغيرتين، ويفتحهما على عالم لا يعلم ما يخبئ له القدر من مفاجآت، سواء أكانت جميلة أم تعيسة، فعلمها عند الله الخالق سبحانه وتعالى.
وجود هذا الكون ليس صدفة، بل خلقه الله للتأمل والتفكر، والنظر في ما حولنا، وفي إبداعات الخالق سبحانه وتعالى، فمن النعم الجميلة التي وهبها الله لنا وجود الأب والأم، والعائلة بشكل عام، ولكن بعضنا ليس مقدرا وجود هذه النعم في حياته، فتجدهم غير مبالين في صلة الرحم، وليس لديهم الوقت الكافي لزيارة والديهم، وذلك بحجة ظروف الحياة، وغيرها من السلوكيات الخاطئة. مثلًا عند زيارة الأهل أصبح الزائر يمسك جواله، ويتحدث من خلاله أكثر من حديثه مع من زارهم.
يجلس ساعات طويلة منفردًا عن من زارهم؛ إما أن تكون هناك لعبة قد أدمن عليها، أو دردشات عبر مجموعات واتسابية، أو ربما يغرد في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، كتويتر أو فيس بوك، أو ربما يتابع أحد البرامج، ناسيًا وجوده بين الأهل، وهذا واقع ربما بعضنا عاشه أو صادفه.
فلمثل هؤلاء نقول: الأفضل أن تكسب وقتًا أطول مع الأهل والأصدقاء، فخصص لهم وقتاً؛ لتستمع إليهم، لعل في حديثهم تجد متنفسًا لك لتبادلهم الحوار والنقاش، وخاصة مجالسة كبار السن؛ ففي حديثهم متعة ونكهة خاصة ممزوج بعطر الماضي والحاضر.
جميل جدًا مشاركة العائلة في ممارسة بعض الهوايات؛ كالصيد، والسباحة، أو عمل مسابقات ثقافية وفنية للأطفال الصغار، فهذا الوقت الثمين يجب أن يُقضى في شيءٍ مفيد وممتع، فنحن الآن في إجازة الصيف فيزيد في رصيدك الوقت الكافي، لهذا اكسب هذا الوقت لصالحك، وصالح من تود الجلوس معهم، وأيضا هناك المساجد فهي ليست للصلاة فقط، بل هناك من يستغل هذه المساجد بالشيء المفيد، وكما أن الإنسان يستطيع أن يمارس فيه العديد من الأنشطة المفيدة، مثل: الذِّكر، وتلاوة القرآن، وعمل حلقات تحفيظ كتاب الله وتفسيره.
الوقت ثمينٌ في حياة مَن يُقدّره، ولذلك على الفرد أن يستغلّ كلّ دقيقة من حياته، ويستفيد من أوقات فراغه في دنياه وآخرته؛ إذا ما استغلّ الإنسان الفراغ أفضل استغلالٍ، ومارس فيه العديد من الأنشطة المفيدة، وتدرّب على المهارات التي تقوّي شخصيته.