رحمة الله تغشاك يا بهوان
طالب المقبالي
تزخر بلادنا بالأثرياء الذين رزقهم الله من خيرات هذا الوطن، حتى بلغت ثروات البعض تحسب بالمليارات، ويصنف كثير من أثرياء سلطنة عمان ضمن القوائم الدولية التي تصدرها مؤسسات دولية متخصصة في تقييم ثروات أثرياء العالم.
لكن لا نرى أثراً لهذه الثروات في الوطن عدا تلك البنايات الشاهقة، والقصور المنيفة، والسيارات الفارهة، والمزارع والجنان المنتشرة هنا وهناك، والطائرات واليخوت الخاصة التي يستمتع بها أصحابها دون غيرهم.
وبما أننا دولة إسلامية وزكاة الأموال فرض من الفروض المشروعة الواجبة والتي ورد ذكرها في القران الكريم، ولهذه الزكاة نصاب معين، وتعتبر زكاة أموال هؤلاء الأثرياء لو أخرجت ستحل أزمات كثيرة، لأنها لن تكون قليلة مقارنة بالأرباح والعوائد التي تجنيها.
والزكاة قد شرعها الله سبحانه وتعالى تطهيراً لهم وتزكية وسكنٌ لهم، يقول الله تعالى في سورة التوبة:
{خُذۡ مِنۡ أَمۡوَ ٰلِهِمۡ صَدَقَةࣰ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّیهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَیۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنࣱ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ}
وهناك آيات قرآنية عديدة وأحاديث نبوية شريفة تحث على أداء الزكاة باعتبارها فرض وركن من أركان الإيمان.
في المقابل هنا شخص لا يمكن لأي منا أن ينساه، وينسى عطاءاته الخيرية، إنه الشيخ سعود بهوان رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
هذا الرجل ما زالت خيراته تتدفق، وما زال عطاؤه مستمراً حتى بعد رحيله عن دنيانا الفانية.
وأذكر شخصياً الكثير من المواقف، ومنها توزيع اللحوم للمعسرين كل يوم جمعة في جميع أنحاء السلطنة، وكانت توزع دون قوائم للمنازل القديمة والبسيطة في أكياس يصل وزن كل كيس إلى كيلو ونصف.
وكان يصرف لكل أسرة من أسر الضمان الاجتماعي مساعدة مالية بمقدار 100 ريال لكل أسرة في شهر رمضان المبارك.
كما يصرف مرتبات شهرية لعدد كبير من المحتاجين والفقراء، ناهيكم عن مساهماته المستمرة في توفير الأجهزة الكهربائية المنزلية للأسرة المحتاجة لمثل هذه المساعدات، لا سيما أسر الضمان الاجتماعي، والأشخاص من ذوي الإعاقة.
فهذه الهبات والصدقات لم تنقص من ثروته، بل زادتها بركة، وقد أنشأ رحمه جمعية خيرية حتى يستمر هذا العطاء بعد وفاته، حيث حيث أنشأ مؤسسة سعود بهوان الخيرية ومقرها الرئيسي في محافظة مسقط لتكون معينًا متدفقًا بالعطاء، وهي جمعية خيرية تطوعية غير ربحية، تهتم
برعاية المكفوفين والأشخاص ذوي الإعاقة.
وكذلك رعاية الأمومة والطفولة، والمساعدات والخدمات الإنسانية، ورعاية الأيتام والعجزة والمرضى، وكذلك رعاية الفقراء والمحتاجين من خلال تقديم التبرعات المالية لهم وتوزيع الطعام عليهم وتقديم ما يحتاجون من مساعدات طبية وغيرها.
إلى جانب بناء المساجد ومراكز تحفيظ القرأن الكريم، وتقديم الأدوات والأجهزة إلى المدارس ورعاية الطلبة المحتاجين. كذلك تقديم المنح الدراسية والتعليمية بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية.
وأي أنشطة أو أعمال خيرية أخرى هنا في سلطنة عُمان أو خارجها يرى القائمون على المؤسسة المساهمة فيها.
وتخضع هذه الجمعية تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية، ولها مجلس إدارة يدير شؤونها، وبالتأكيد لها موارد خاصة قد أوقفها الشيخ سعود بهوان في حياته حتى تستمر في أداء رسالتها التي أراد لها الشيخ رحمه الله أن تكون.
فأين أثرياء هذا الوطن؟ أليس في سلطنة عمان ثري توازي ثروته الشيخ بهوان أو تفوقه في ذلك؟.