2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

القوة في التمكين لا في التغريد

عبدالله بن حمدان الفارسي

قال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ…) سورة الأنفال من الآية ٦٠ القوة هنا بمعناها الشمولي المتكامل، وليست مقتصرة فقط على تقوية الجسم والعضلات، هي ليست الأولى، ولا أتوقع أن تكون الأخيرة إن لم يكن هناك رادع قوي مضاد لما يحدث، فالتطاول على الذات الإلهية (الله) جل جلاله، والرسول ﷺ، والدين الإسلامي الحنيف هي سلسلة حملات عدائية ممنهجة لن تتوقف ولن تنتهي، طالما وُجد الضعف والوهن في الدول الإسلامية والمسلمين، والتقاعس عن ردات الفعل الإيجابية، الاستنكار والتوبيخ وبما يسمى مقاطعة المنتوجات أفعال لن تجدي نفعا أمام هذا المخطط، والتكالب والتعاضد من أعداء الإسلام غير المقتصر على دولة معينة بذاتها، ومن أعجب العجاب أن هذا التهكم والتطاول يتم رصده من الذين تكتنفهم البلاد وتحتضنهم، ويعيشون بيننا، ويقتاتون من خيراتنا وتأويهم منازلنا، ومصادر رزقهم من ينابيع الوطن، ومن شقاء أبنائه وعرقهم، واستخدامها لمصالحهم الخاصة، فهم يعيشون في أمان ورغد من العيش على أرضه، ويعيثون فسادا فيه، والأَمرُّ من ذلك لا ينتاب أياً منهم خوفٌ، ولا يعتريهم خجل من التمادي والتطاول على معتقداتنا ومقدساتنا، وفوق هذا التباهي بأفعالهم وأقوالهم بتوجيه الإهانات والإساءات للذات الإلهية والرسول ﷺ والإسلام، علما أن معابدهم وكنائسهم وممارساتهم تجد منا الصمت، رغم عدم الرضا بوجودها على أرضنا، وما هذه الأفعال الصادرة والمشينة منهم إلا بشعورهم بإن الأمة الإسلامية ليست بالند لهم من ناحية التصدي لقواهم الاقتصادية، والصناعية، والمالية، ولأفكارهم ذات الانحطاط والانحدار الأخلاقي، وليس لديها قدرة الاستغناء عنهم، ولا عن خدماتهم، ومعدومة الإمكانيات، وقصيرة الأيدي، وكفيفة الأعين للوقوف أمام طغيانهم، وهذه حقيقة لا ينكرها ولا يختلف عليها جاهلان، نعم لا ننكر جهودهم، وما يقومون به في التعمير والتطوير، وفي مناحي كثيرة لها الأثر الإيجابي علينا، ولكن تلك الأعمال لها في المقابل أثمان، بعضهم لا يحلم بها في منشأه.
إن الدول الإسلامية تفتقر إلى مكونات كثيرة، جعلت منها ذات سيادة انقيادية لا قيادية، معدومة الإرادة والقرار ، للمنادين بطرد هذه الفئات من البلاد، ومقاطعة منتجات بلدانهم، والشجب، والغثاء الأحوى الذي لا يغني ولا يسمن، قد أتفق معهم في بعض النقاط، ولكن هذه تصرفات مبتذلة لا تأتي بنتائج إيجابية آنية أو على المدى البعيد، كيف لنا أن نستنكر ونعارض ونصرخ ونحجب، ونحن منازلنا تأوي واحدا أو واحدة منهم، وبناؤه أو ترميمه يحتاج إلى عامل منهم، مريضنا يعالجه واحد منهم، مزارعنا يحرثها ويرويها منهم وفيهم، ملابسنا من يخيطها ويطرزها إلا هم، استخراج أثمن مكونات ما تحتويه تربة وطننا من يستنبطه منها إلا هم، أعطال مركباتنا وصيانتها هم القادرون على فعل ذلك، غذاؤنا نستورده منهم، كمالياتنا معهم، حتى رعايتنا الخاصة من صغيرنا لكبيرنا لا نستغني عنهم فيها، باختصار كل ما حولنا ومعنا لهم فيه يدٌ ونفس، لو تمعنا وتلمسنا وجابت أنظارنا الكون لوجدنا كل ما نحن فيه من صنعهم وصناعاتهم، نحن أمة مستهلكة، والإنتاج بعيد عنا، وحتى في استهلاكها سلبية غير مسئولة؛ لذلك هم يتفننون ويستمتعون رقصا وغناءً على إهانة عقيدتنا ومقدساتنا، ما نحتاجه للتصدي لهم ليست تغريدات وتنديدات، والخروج في الشوارع والنتيجة خالي الوفاض، وهذا أمرٌ حميد، ولكنه أضعف الإيمان، نحتاج للقوة التي ذكرها الله في محكم كتابه، إيمان بالله قولا وفعلا، إرادة حقيقية نابعة من التسلح بالعلم، والمعرفة، وتربية النشء على القيم الحميدة التي منبعها الإسلام، وبث الأفكار ذات الأبعاد والآفاق العقائدية السليمة، والتمرس باحترافية في كيفية استخلاص النتائج التي تجعل منا أمة منتجة ذات اعتماد ذاتي في كافة المجالات، أمة تقتات من عرق جبينها، وتفتخر بنتاج أعمالها، وتحارب بعتاد من صنع يدها وتتمتع بمنجزاتها، وحبذا لو تكون البداية بمقاطعة تجارتهم الداخلية، والتوجه للتاجر المحلي، يجب أن نكون أمة ترهب أعداءها بالإيمان وطاعة الرحمن، وبث السلام والعمل بالقرآن، قال تعالى:﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) الأنفال الآية ٦٠، وقال تعالى:(قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) البقرة من الآية ٢٤٩، العبرة ليست بالكثرة بقدر ما تكون بالثقة والإيمان، والأخذ بالأسباب والاستعداد بالإمكانيات المؤهلة للمواجهة والانتصار.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights