عندما تكوني أمًا وأبا!
ريحاب أبو زيد
الأب والأم نعمة من الله سبحانه وتعالى، فهما الحنان، والضحكة، والسند، والطاقة التي تمدنا بالحياة، وتساهم في تخطي تحديات الحياة.
عادة يبذلا كل جهدهما من أجل أبنائهما ويفنيا عمرهما لسعادتهم؛ ولكن بعض الأحيان يظهر الخلل من أحدهما فيتخلى أحدهما عن مسؤوليته بكل أنانية دون النظر للعواقب التي تلي تلك الأنانية.
ترددت كثيرًا قبل أن أتطرق لهذا الموضوع برغم أنني عشت تلك القصة بكل ما تحوي من معنى للألم، للقوة، للخوف، للتماسك، للصبر، و …
قد تحتار الأم التي كتب عليها القدر أن تربي أولادها بمفردها بعد أن قرر ذلك الأب التخلي عنهم، والذهاب بعيدًا ليعيش حياته، أو عندما يتوفى، فلا تعرف حينها كيف تتعامل معهم، فتسأل نفسها هل تكون أمًا فقط، أم أمًا وأبًا معًا؟!
عند النظر لتلك المرأة التي أجبرتها الظروف أن تكون رجلًا قبل أن تكون امرأة، وكيف عانت لتعيش لحظات صعبة لتلغي كل شيء من حياتها لتتخطى الشعور بصعوبة الحياة، وتسعى لتحتوي أسرتها في تلك الظروف، وتحافظ على أولادها، وكيف تحارب كل ما بداخلها لتقف قائمة دون انحناء لتستطيع أن تستكمل مسيرتها مع أولادها وتنجح في هذا الدور المركب الذي فيه جزء كبيرًا ليس دورها، ولكن تسير فيه دون أن تتخلى عن أولادها، وهنا يراودني سؤالًا مهمًا، هل يعلم من يحيط بمثل هذه المرأة ما قاسته في مسيرتها؟ هل رحمها من حولها أم كانوا بمنتهى الأنانية؟
عندما نرى مثل تلك النماذج فمن الرحمة يجب علينا أن نعرف نفسية تلك الأم ونراعي ما حدث لها، ويظل يحدث معها، وما عانته من آلام حتى لو كانت تمثل القوة والبهجة والضحكة بنجاح، فأنتم لا تعلمون مدى التعب الذي أنهكها من الداخل، وكذلك تعب المسؤولية التي وقعت على عاتقها لتقوم بواجبها كأب وأم معا.
حقيقة أعلم جيدًا أنه موضوع صعب وقاسي جدًا، وتختلط فيه عدة مشاعر تتمثل في الغضب والحزن، والظلم.
ولصعوبة هذا الدور نجد أن البعض ينجح والبعض لايستطيع أن يتحمل القيام بالدورين، بعض الأمهات تنظر إلى أن هذا الدور بصعوبة، وخوف، و… ، ولكن أقول وعن تجربة من الممكن أن تحقق المرأة النجاح فيه بالتوكل على رب العزة، والعزيمة والثبات، والصبر، وعندما ننظر حولنا نجد الكثير من الأمهات كتبن قصصا لنجاحهن في القيام بهذا الدور، وليس هذا فقط بل واستطعن التطوير من ذاتهن وأثبتن نفسهن في المجتمع. تلك التجربة جعلتني أقف وأنظر حولي لبعض الآباء الذين تخلوا عن أولادهم، فوجدت العديد من تلك النماذج المؤلمة وجعلتني أتساءل عن الأسباب، هل عدم تربية، أم ضعف إيمان، أم عدم رجولة …..؟!
أسئلة كثيرة دارت في عقلي، ولكن من وجهة نظري أن أهم سبب لذلك هو عدم التربية السليمة لذلك الأب الذي تربى على عدم الخوف من رب العزة، وضعف الإيمان، ويجب أن نعرف أن البيت هو اللبنة الأولى التي تشكل الأخلاق؛ لذا يجب أن نهتم بأخلاق أولادنا حتى لا يترعرعوا على أذى وظلم الغير والهروب من المسؤولية.
لكل الأمهات والآباء لا تفرحوا بسلوك أولادكم الخطأ بحجة أنهم ما زالوا صغارًا، إعلموا أن من شاب على شيء شاب عليه، واعلموا أيضًا أنكم محاسبون أمام الله عن أولادكم وأفعالهم. وأخيرًا رسالة أقدمها لكل أب تخلى عن رسالته وأولاده، حرمت نفسك من لذة رعاية أولادك والاهتمام بهم، ومن الفرحة التي تملأ القلب لنجاحهم، و….، ولم تحافظ على الأمانة التي أعطاها لك الله، تذكرتم دنياكم وتناسيتم الحديث الكروي عن الرسول الكريم، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «كلكم رَاعٍ, وكلكم مسؤول عن رَعِيَّتِهِ: والأمير رَاعٍ, والرجل رَاعٍ على أهل بيته, والمرأة رَاعِيَةٌ على بيت زوجها وولده, فكلكم راَعٍ, وكلكم مسؤول عن رَعِيَّتِهِ». وفي لفظ: «كلكم رَاعٍ، وكلكم مسؤول عن رَعِيَّتِهِ: الإمام رَاعٍ ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ، والرجل رَاعٍ في أهله ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ، والمرأة رَاعِيَةٌ في بيت زوجها ومسؤولة عن رَعِيَّتِهَا، والخادم رَاعٍ في مال سيده ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ، فكلكم رَاعٍ ومسؤول عن رَعِيَّتِهِ». متفق عليه.