السلطان الموفق هيثم بن طارق المعظم .. هبة الله لأرض سلطنة عمان.
حمود الحارثي
على الرغم من الظروف، والأزمات الاقتصادية، والسياسية العالمية، والإقليمية، والمحلية التي تزامنت مع تولي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد، ابتداء من ارتفاع الدين العام، وانخفاض أسعار النفط، وأزمة جائحة كورونا، التي عصفت بالعالم على ما يربو من ثلاثة أعوام، تلاها إعصار شاهين، وما خلفه من أضرار جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة، وعدد من الملفات الداخلية، أهمها أزمة الباحثين عن العمل، واستكمال عدد من المشاريع الوطنية الاستراتيجية، التي تطلب معها اتخاذ جملة من القرارات المفصلية، والتي اتسمت بالحكمة السلطانية المعهودة، التي وضعت الحياة الكريمة للمواطن فوق كل اعتبار.
من هذه القرارات إعادة هيكلة الحكومة، وإحالة من أكمل ثلاثين عاما في الخدمة إلى التقاعد، ودمج عدد من الوحدات، والشركات الحكومية، وصناديق التقاعد، والشروع في تنفيذ خطة التوازن المالي على ضوء رؤية٢٠-٤٠.
التي جاءت بهدف التعامل مع الظروف، والأزمات العالمية، ومعالجة آثار ارتفاع الدين العام، والاستجابة السريعة لمطالب الشباب، والمواطنين.
ولله الحمد، والشكر، بفضل من الله، محمولة على أسباب التوكل عليه سبحانه وتعالى، وثقة أبناء سلطنة عمان في قيادتهم الحكيمة استطاع جلالته -أعزه الله- أن يبحر بالسفينة، ويرسو بها على بر الأمان، والتي أثبتتها الأفعال في الميدان قبل الأقوال عبر وسائل الإعلام.
كل ذلك لم يأتِ من فراغ، إنما جاء متوافقا مع بناء الشخصية العمانية، متشربا بمبادئ حضارتها الضاربة في جذور التاريخ، والتي بلا شك تفيض بحب راسخ، وولاء مطلق لأرض سكنت في الأرواح قبل القلوب، ولقائدهم الملهم أعزه الله.
إلا أن ما أثار إعجابي، وسال له حبر القلم متدفقا، هو ذلك الدور الرائد الذي يقوم به سلطان البلاد المفدى، حيث لا يمكن تغييبه في هذه السانحة، فقد كان المتابع الجيد، القريب من أحوال أبناء شعبه الوفي، تجده على الدوام مسديا توجيهاته السامية الكريمة، حاملة في طياتها دعوة صادقة أكيدة للعمل، مستنهضا الهمم برؤية ثاقبة ورأي حصيف.
فليس بالأمر الهين أن تشاهد دولة بمختلف قطاعاتها عسكرية كانت أو مدنية، مجتمعية كانت، أو قطاعا خاصا تعمل جنبا إلى جنب في ساحات العمل، مسخرين كل ممكن، وكل جهد مخلص أمين لخدمة وطنهم ومواطنيهم.
وقد بلغ قراءة المشهد منتهاه بين فكري، وقلمي، وأصبح واضحا جليا، فما كان إلا أن ترجمته المشاعر إلى كلمات عبر هذا المقال، والذي نسأل الله أن يكون قد جاء بلسان العارف، وعمل العامل، قولا، وعملا، وصدقا، وإخلاصا، وولاء، ووفاء للأرض، وقيادتها الموفقة.
فإن كان للشعوب والأمم ما يميزها، فلنا ما يميزنا قيادة، وحكومة، وشعبا، فنحن على أرض سلطنة عمان، عندما يُرفع العلم، ويُعزف السلام السلطاني نقف جميعا صفا واحدا خلف راية الوطن، ابتداء لاستقبال يوم مشرق آخر من أيام الوطن الخالدة في نهضته المتجددة وعهده السعيد.
فمنذ تولي جلالته -أعزه الله- الحكم، وسلطنة عمان بتوفيق، وفضل من الله أولا، وقيادته الرشيدة، ولحمة أبناء الوطن ثانيا، استطاعت الحبيبة عمان -ولله الحمد- التعامل، بل وتجاوز آثار ما مر من ظروف، وأزمات، وها نحن اليوم نجني ثمار غرس الأمس، فلا تمر يوم علينا إلا سمعنا عن توجيهات، وأوامر، ومكرمات سلطانية سامية، ينعم في ظلالها أبناء عمان الكرام بالعيش الكريم، في وطن مصان بقيادته الراسخة الحكيمة، وشعبه الوفي، القوي، المتماسك، والحمد لله على ما أسدى وأنعم.
نعم ليس بعد الإسلام نعمة توازي هبة الله لأهل عمان سلطان عادل، كالسلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ، وأدامه ذخراً وسندا لهذا الوطن.
كيف لا يكون كذلك، وهو هدية السماء لأرض عمان، وأهلها الكرام الأوفياء، كيف لا يكون وهو وصية السلطان الراحل لأهل عمان (كونو له السند المتين، في اليسر، والعسر، وفي المنشط، و المكره)، كيف لا وهو من توسم فيه أعز الرجال وأنقاهم -طيب الله ثراه- (لقد توسمنا فيه السمات التي تؤهله لحمل الأمانة، وهذا ما دعانا لاختياره) فكان خير خلف لخير سلف، وخير من حمل الرسالة، وأدى الأمانة كما ينبغي لها أن تكون، دمت الموفق سلطاننا.