الحملة الفارسية الأولى على عمان عام ١٧٣٧م
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الثاني والأربعون:
مقالنا اليوم إن شاء الله تعالى عن الحملة الفارسية الأولى على عمان عام ١٧٣٧م وأهدافها.
– تتميز عمان بموقع استراتيجيّ مهمّ جداً، فهي تقع على ثلاث ممرات مائية مهمة للتجارة الإقليمية والعالمية وهي: ((خليج عمان وبحر عمان والمحيط الهندي)) كما تسيطر سيطرةً تامّة على مضيق هرمز بحكم أن الجزء الصالح للملاحة الدولية يقع ضمن الحدود العمانية الذي يتحكم بدخول وخروج السفن باتجاه الساحل الفارسي وكذلك الخليج العربي.
– إن سيطرة عمان على أهم المواصلات البحرية الذاهبة والآتية إلى الخليج العربي وأوروبا وشرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا جعلها مطمعاً للدول الاستعمارية الكبرى، لأن السيطرة عليها يعني التحكم بالتجارة في المنطقة.
لذلك تتمحور أهداف نادر شاه لاحتلال عمان على ما يلي:
١- الاستحواذ على هذه المحطة الهامّة جداً والمسيطرة على أربع طرق تجارية رئيسية وتحويلها إلى الموانئ الفارسية.
٢- الرغبة في السيطرة على شرق أفريقيا، واحتلاله لعمان سجعله حاكماً لتلك المناطق نظراً لتبعيّتها لعمان.
الاستعدادات الفارسية لغزو عمان:
– حصل الفُرس على فرصة ثمينة لاحتلال عمان بتلقّيهم دعوة من الإمام سيف بن سلطان الثاني اليعربي لمساعدته في القضاء على الثورة الداخلية ضده.
– عام ١٧٣٧م أرسل نادر شاه وفداً إلى الإمام لإبلاغه بالموافقة على مساعدته وكذلك إبلاغه بالاستعدادات الفارسية والاتفاق حول الترتيبات اللازمة للحملة.
– في ٣ مارس عام ١٧٣٧م وصل لطيف خان قائد البحرية الفارسية إلى بندر عباس في:
– سفينة القيادة فتحي شاه.
– ثلاث سفن كبيرة نوع الغراب.
– عدد من التكنات والترانكيات.
– في الفترة من ٣ إلى ٤ مارس زادت القوة الفارسية المخصصة لغزو عمان كمايلي:
١- أربع سفن كبيرة.
٢- أربع سفن كبيرة من نوع الغراب.
٣- عشرين سفينة من نوع تكنه وترانكي.
٤- أربعة آلاف جندي.
– في ١٤ مارس رجع المبعوث الفارسي إلى بلاده وأبلغ تقي خان حاكم إقليم فارس، وقائد البحرية لطيف خان بأن القوة المخصصة لغزو عمان لا تكفي لأن طبيعة البلد الجغرافية تتطلب الكثير من جنود المشاة والخيول.
– أربك هذا التقرير قادة الجيش الفارسي فأعادوا الخطة مرة أخرى للتقييم حسب المعلومات الجديدة وانسجاماً مع المعلومات الجديدة. وفي مارس عام ١٧٣٧م تم زيادة العدد النهائي للقوات الفارسية المخصصة لغزو عمان كما يلي:
١- ٥ سفن كبيرة.
٢-٤ سفن كبيرة نوع الغراب.
٣- عدد كبير من سفن التكنات والترانكيات.
٤- خمسة آلاف جندي.
٥- ألفين وثلاثمائة حصان.
– في ١ أبريل ١٧٣٧م انطلق الأسطول الفارسي متّجهاً إلى الأراضي العمانية فأنزل قسماً من قواته في خور فكّان العمانية، وتوجّه باقي الأسطول إلى رأس الخيمة، فتصدت لهم قوات الشيخ رحمة بن مطر القاسمي، وبعد أن منيت القوات الفارسية بخسائر كبيرة، تمكنت من احتلال المنطقة.
– بعد سيطرة القوات الفارسية على مناطق رأس الخيمة وخور فكّان العمانية بدأت بإنشاء خطوط دفاعية وقد أدى تعاون الإمام سيف بن سلطان الثاني مع الفُرس إلى نقمة العمانيين ضده وتوالت عليه رسائل النصح والتحذير ولكن دون جدوى.
– قابل الإمام القائد الفارسي لطيف خان في رأس الخيمة واتفقا على دمج القوات العمانية والفارسية والقيام بعملياتٍ مشتركة ضد المعارضين لحكمه، وبدمج القوات العمانية والفارسية في جيش واحد استطاع تقي خان فِعل ما يريد باسم سيف دون صعوبات.
– تحركت القوات المشتركة من رأس الخيمة باتجاه الجنوب وتمكنت من السيطرة على القسم الشمالي من الظاهرة. وفي ١ مايو ١٧٣٧م تحرك بلعرب بن حمير قائد التمرد ضد سيف بقواته للتصدّي لقوات التحالف.
– في ١ يونيو ١٧٣٧م نشبت معركة شديدة بين الطرفين في منطقة فنج السميني الواقع إلى الشمال من البريمي وأسفرت المعركة عن هزيمة بلعرب بسبب تفوق القوات المشتركة في العدة والعدد.
– تمكنت القوات المشتركة من احتلال البريمي والظاهرة وإخضاع حصون الجو وضنك والغبي، وكما هو متوقع فقد ارتكبت القوات الفارسية مجازر رهيبة ضد السكان لم ينجُ منها إلا من هرب أو تم أسره.
أسباب فشل الحملة الفارسية الأولى على عمان:
١- المعاملة غير اللائقة للإمام سيف من القادة الفُرس.
٢- وجد الإمام أن الفُرس يتصرفون على أنهم سادة وليسوا حلفاء.
٣- استياء حلفاء الإمام سيف من الجرائم البشعة التي ارتكبها الفُرس في حق السكان.
٤- شعور الإمام بالريبة من نوايا الفُرس، وأن لديهم أهدافاً أخرى غير مساعدته.
٤- انسحاب الإمام سيف بقواته من قوات تقي خان إلى مسقط.
٥- إدراك الفُرس لحجم الورطة التي وقعوا فيها لذلك انسحبوا بجميع قواتهم إلى رأس الخيمة.
– في ١٩ يوليو عام ١٧٣٧م وصلت القوات الفارسية المنسحبة إلى بندر عباس.
– وبهذا انتهت الحملة الفارسية الأولى على عمان بانسحاب القوات المهاجمة بسبب الخلافات التي دبّت بينهم وبين الإمام سيف كان سببها عنجهية الفُرس وتغطرستم واستخدامهم العنف والقسوة ضد السكان العزّل.
– ولكن الحملة الفارسية لم تكن فاشلة بشكلٍ كامل، فقد اكتسب الفرس اطّلاعاً ومعرفةً وفهماً عن الطبيعة الجغرافيّة لعمان من رأس الخيمة وحتى الظاهرة.
كما امتلكوا قاعدة بيانات ومعلومات مهمّة عن النواحي الاستراتيجية والتركيبة الاجتماعية للمجتمع العماني.
– بطبيعة الحال فإن الفُرس لن يستسلموا لهذا الفشل وذلك للطموحات الكبيرة لنادر شاه ورغبته الشديدة في السيطرة على عمان وبالتالي سوف تتاح لهم الفرصة للسيطرة على الساحل الأفريقيّ لتبعية تلك المناطق لعمان، ولذلك فإنهم سوف يعاودن الكرّة مرة أخرى وهذا ما سوف نتناوله في الجزء القادم بإذن الله.
المصدر:-
– عمان وسياسة نادر شاة التوسعية.
المؤلف:-
عدنان الزبيدي