طيف سارة
بقلم علياء العامرية
كانت طِفلة مجنونة وهادئة في الوقتِ ذاته
مجنونة بابتسامتها الساحرة التي تُلوِنُ وجنتيها, وهادئة بِكُلِ ما تحمله الكلمة مِن معنى.
وقفت أمامي كوردة بيضاء مُتفتِحة, نَظرَت إلي نَظرة طويلة, وكأنها تبحَثُ عَن شيءٍ ما في وجهي, عن ماذا تبحث? وما الذي تُريده?
أسئلة لطالما تزاحمت في رأسي حتى أرهقتهُ بالصداع ثم…
تزوجتُ مِن سارة وأنا في الرابع والعشرين مِن عمري, تزوجتها رُغما عني تنفيذا لأوامر أُمي التي حلفت أن تتبرأ مِني إِن لم أتزوج مِن سارة, التي ربتها واعتنت بِها مُنذُ طفولتها, لا أُنكِرُ أَنني أحببتُ سارة حُبا شديدا بعد زواجِنا.
سارة لم تكن كأيِ زوجة, كانت مُختلِفة عن الجميع, جميلة بأخلاقها, قلبها أبيض مِن الثلج, وروحها أطهر مِن الطُهر عينه.
25 سنة لم نُنجِب أطفالا, ولكنها كانت سارة هي ابنتي وأختي وأمي وزوجتي وكُل حياتي.
إِنها تُشبِهُ سارة, تشبه نظراتها وابتسامتها لكن كيف عادت سارة مِن جديد?
هل الله يُجازي المُحسنين بِأن…
بالرغمِ من خلو حياتنا مِن الأطفال إلا أنني لم أُفكِر قط في الزواجِ مِن زوجة أُخرى;; لِأَن وجود سارة في حياتي كان كفيل بأن يجعلني سعيد, ومرحها وضحكها في أرجاءِ البيت كان مصدر سعادة وحياة. بالنسبة لي.
لكن رحلت سارة مُنذُ عامين تاركة خلفها رجل صغير يبكي ألما وحسرة على فِراقها, مررتُ بحالةٍ نفسية عصيبة لم يعلم بِها إلا الله, وقد خرجتُ مِنها بصعوبة قبل فترة, ولكن الطِفلة الصغيرة تِلك التي تُشبِهُ سارة لا تُفارِقُ أحلامي فأدركتُ بعد بُرهة أَنهُ كان مُجرد طيف سارة الذي لا أراهُ إلا في أحلامي, ونظرتها الطويلة الفارغة مِن أي تعبير, وابتسامتها الجميلة كانت تُحييني كُلما أظلمت في وجهي الحياة.