الحاجات النفسية
د. إنعام بنت محمد المقيمية
بعد انضمامي لمنبر كتاب النبأ، وتأملي لمقالاتهم التي تلامس نبض الشارع، في كل حدث كان لهم بصمة تحمل في طيتها أفكارا تنهض بالوطن والمواطن، في لحظة شعرت بأن مقالاتي العلمية كانت ركيكة لا تلامس إلا الخاصة، وبالأخص إرشاد الموهوبين، موضوع جديد ويحتاج إلى إضاءات مستمرة، وبعد توقف طال الشهر شعرت بأن لدي الرغبة في الكتابة، وهذا حال الكاتب لا يهدأ قلمه، حتى يفرغ ما بذهنه، كنت أرغب أن يكون لمقالاتي طراز جديد، حلية أجعل من المقالات والمصطلحات العلمية العميقة لغة سهلة ميسرة تفهمها العامة، وكنت أتأمل لقاءات الشيخ محمد الشعراوي، ويبهرني انسجام أطروحته للعامة رغم عمق المحتوى؛ ومن هنا جاءت فكرة كتابه مقال تحليل قصة بمنظور نفسي، لعلها تسعفني في سهولة الطرح، لذا سأترك العنان لتحكي أرنبة لحكايتها في غابه أمان.
أنا أرنبة نشطة، أحب الحياة، أتقن العمل، حالي كحال فصيلتي من الأرانب، الإخلاص شعارنا، فقبل تعييني معلمة كنت منتدبة لإحدى المدارس، وكنت أنشر روح المرح بين صفوف طلابي، وأذكر ذات مرة قالت لي إحدى المعلمات: أنا أرنبه حنان، وأهديك اسمي بكل جدارة، فأنت حققتِ ما لم نستطع نحن المعلمات تغييره، فقد زرعتِ في أرنوبة الصغيرة الثقة، وجعلتِها تؤمن بقدراتها. وفي نهاية العام الدراسي أهدتني المدرسة خاتم ذهب؛ نتيجة الإنجاز المقدم، وما زلت أحتفظ فيه كذكرى تدعوني للحماس والعمل بكل حب، فالحوافز المعنوية والمادية كانت حاضرة وداعمة.
ولذلك يجب على أي منظمة معرفة أهمية الحاجة المادية أو المعنوية لرفـع مـستوى أداء الفرد في تحفيـزه لبـذل أقصى جهد، لكن تظل الحاجات النفسية هي الداعم الأساسي ليستمد منه قوته، حيث تندرج هذه الحاجات على شكل هرمي، تبدأ بالاحتياجات الفسيولوجية (كالغذاء والنوم والزواج)، وحاجات الأمان (الأسري والصحي والأمان الوظيفي)، والاحتياجات الاجتماعية، (الانتماء والقبول)، والحاجة للتقدير (الشعور باحترام الآخرين له، والإحساس بالثقة والقوة)، والحاجة لتحقيق الذات (استخدام مهاراته وقدراته للإنجاز)، ولن يتحقق الأخير دون إشباع الحاجة الأدنى.
ولقد كنت حريصة على دعم نفسي بالحاجات النفسية؛ لأني مدركة كل ما نسعى إليه هو حاجة، فحاجتي للغذاء سيؤمن حاجتي للصحة، والقدرة على الانتماء، والتواصل مع الآخرين بكل ثقة، والعمل على استغلال مهاراتي لتحقيق ذاتي، وأن ظهور اضطراب معين هو نقص لحاجة، لذا لم يكن يراودني يوما ما أني سأشعر بفقد الأمان الوظيفي حتى حدثت تلك الواقعة في الغابة.
للحديث بقية