” السمت العماني” .. المحافظة عليه واجب وطني، ومسؤولية مجتمعية
حمود الحارثي
في ظل التسارع الكبير للطفرة الصناعية والتكنولوجية التي يشهدها العالم، والانفتاح الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي، وتماهي الكثير من العادات والتقاليد التي تتميز بها شعوب العالم في خضم هذه الطفرة في مختلف نواحي الحياة اقتصادية، وسياسية، واجتماعية.
فقد وجدتُ بأنه من الأهمية بمكان أن تكون لنا وقفة مراجعة للمحافظة على موروثنا الشعبي، وعاداتنا، وتقاليدنا من التلاشي والاندثار التي تتفرد بها الشخصية العمانية، وهو بلا شك يمثل ركيزة أساسية في مجتمعنا العماني، والمتوارث عبر العصور أبا عن جد، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الحضارة العمانية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ.
ولكن ما نشهده في حاضرنا من قصور، وعدم اهتمام ينبئ بمستقبل يتلاشى فيه ذلك “السمت العماني” الذي تتفرد به الشخصية العمانية إن لم تكن هناك وقفة حازمة لتصحيح واقع الحال، وعلى كل مواطن عماني أن يستشعر حجم المسئولية الوطنية، و التاريخية، حول ضرورة تنشئة الأبناء عليها، وتوعيتهم بأهمية المحافظة على هذا “السمت” المتوارث من عادات، وآداب، وتقاليد، وما يمثله من رمز، وهوية وطنية تميزت به الشخصية العمانية عبر التاريخ.
ما المقصود “بالسمت العماني” ؟؟
“السمت العماني”: هو مجموعة من الآداب، والعادات، والتقاليد، التي يتميز، ويتفرد بها المجتمع العماني باعتباره رمزا وطنيا، يمثل الهوية الوطنية لشخصية المواطن العماني، وتعد المجالس الرجالية في سلطنة عمان مدرسة نموذجية لهذا “السمت”، أو ما يطلق عليه عالمياً فن البروتوكول والإتيكيت: والمعرفان بأنهما: مجموعة من الآداب والعادات في فن التعامل مع الآخرين.
وبالعودة لموضوع مقالنا فإني أجد من الواجب بل لزاما علينا بعد المحافظة عليها نقلها للأجيال الحاضرة والقادمة معرفة، وتنشئة، وتربية باعتبار أنها أمانة حملنا إياها الآباء، والأجداد، من خلال تعريفهم بالزي العماني الأصيل، والعادات، والتقاليد، والآداب، التي تتميز بها الشخصية العمانية وحثهم على المحافظة عليها.
فمن حيث الزي العماني الأصيل للرجل فإنه يتمثل في الدشداشة العمانية، والمصر، والخنجر العماني، والعصا، وكنموذج للهوية الوطنية العمانية التي يحتذى بها في “السمت العماني”، فكفى بإطلالات سلاطين عمان، الذين يمثلون الرمز، والهوية الوطنية لسلطنة عمان عبر التاريخ شاهدا، ودليلا.
ولحضور المجالس العامة في المناسبات “سمت آخر”، يتمثل في دخول الكبير قبل الصغير، وبعد السلام على الحضور بالمجلس التوجه إلى صدر المجلس، ويقوم الأكبر سنا من الحضور بعد دعوة الحاضرين من باب التقدير بالترحيب بالضيوف، وأخذ علومهم، وأخبارهم، والمعروف محليا (بالمناشدة)، وهو سؤال الضيف عن العلوم والأخبار، وتعد قاعدة رئيسة في المجالس العمانية قبل تقديم واجب الضيافة، وذلك تعبيراً عن الترحيب، والتقدير بالضيوف، ويبادل كبير الضيوف التقدير ذاته لمن برفقته، ويطلب منهم الرد على (المناشدة) قبل أن يتم تفويضه بذلك، ويطلق عليه محليا (لعزام)، وتتم عملية (المناشدة) بعدها أي أخذ علوم وأخبار الضيف.
مع الأخذ في الاعتبار بأن عملية (المناشدة) تتم في بعض المحافظات قبل تقديم القهوة للضيف، وفي أخرى بعد تناولها، ولا يغير من الأمر في شيء.
بعدها يتم تقديم واجب الضيافة، وكما جرت العادة تكون بالتمر، أو الحلوى العمانية مع فنجان القهوة، ويستمر في تقديمها حتى يقوم الضيف بهز الفنجان في إشارة للاكتفاء.
كما أن للجلوس في المجالس وضعيتين تندرجان تحت اتيكيت “السمت العماني”:
الأولى: وضعية كب الركعة وثني الأخرى، وهي الجلوس على رجل وثني الرجل الأخرى على موازاة الصدر، مع وضع العصا على الصدر، وهي تعتبر وضعية فخر، واستعداد.
الثانية: وضعية القرفصاء، وهي الجلوس على الرجلين بعد ثنيهمها، وتعد وضعية استرخاء وتبادل الحديث الودي مع الحضور.
كما أن لتقديم القهوة للضيوف آداب، أهمها: حمل دلة القهوة باليد اليسرى، وحمل الفناجين باليد اليمنى، وأن لا تتعدى ثلاثة فناجين، والانحناء لمستوى صدر الضيف عند تقديمها.
وإنه ليحدونا الأمل في أن نرى “السمت العماني” مدرجا كمادة دراسية أصيلة ضمن المنهج التربوي في المراحل الدراسية الأولى لأبنائنا الطلبة.
والله نسأل أن نكون قد وفقنا فيما جرى به حبر القلم، وأن يظل “السمت العماني” مصان تتناقله الأجيال جيلا بعد جيل فهو الرمز، وهو الهوية.