الحملة الفارسية الثانية على عمان عام ١٧٣٨م
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الثالث والأربعون:
مقالنا اليوم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن الحملة الفارسية الثانية على عمان.
في أعقاب فشل الحملة الفارسية الأولى وانسحابها من عمان في ١٩ يوليو عام ١٧٣٧م وإخفاقها في تحقيق حلمه، وجّه نادر شاه رسالة توبيخ شديدة اللهجة إلى تقي خان تتضمن ما يلي:
١- تحميله المسؤولية الكاملة عن فشل الحملة.
٢- اتهامه بعدم قيادة الجيش بشكل شخصي.
٣- اعتباره حاكم على عمان وملحقاتها لذا من واجباته قيادة الحملة بشكل شخصي.
٤- يجب عليه استئناف العمليات العسكرية فوراً لإخضاع عمان للسيادة الفارسية.
٥- إمهال تقي خان حتى عيد النيروز القادم في مارس ١٧٣٨م لكي يتم المهمة.
– توجّه تقي خان من شيراز إلى بندر عباس وأخذ يجري استعدادات بحريّة وبريّة كبيرة جداً لاستئناف العمليات العسكرية على عمان، وقد حاول تقي خان الحصول على مساعدة من الوكيل البريطاني والهولندي في بندر عباس ولكنهم اعتذروا منه.
– في يناير ١٧٣٨م استولى الفرس بالقوة على جميع ترانكات الإنجليز والهولنديين الموجودة في بندر عباس لرفضهم المساعدة عن طِيب خاطر.
– فشل الإمام سيف في القضاء على ثورة بلعرب بن حمير ضدّه دفعهُ إلى طلب مساعدة الفُرس مرة أخرى ولم يتعظ مما قاموا به من جرائم ضد مواطنيه في الحملة الأولى.
– أعدّ الفُرس ستة آلاف جندي لغزو عمان مع وجود توتر شديد وكراهية بين تقي خان ولطيف خان نتيجة توبيخ نادر شاه لهم.
– في ٣٠ يناير عام ١٧٣٨م أبحرت الحملة من بندر عباس إلى رأس الخيمة وعند وصولها للمدينة ارتبطت مع قوات سيف وتمّ تنسيق الخطط بين الجانبين فتحركت قواتهم براً وبحراً فاستولت القوات المتحالفة والزاحفة براً على الظاهرة أولاً، ثمّ إلى بهلا التي سقطت في ١٤ مارس عام ١٧٣٨م.
– في ٢١ مارس ١٧٣٨م هاجمت القوات المتحالفة مدينة نزوى ودارت رحى معركة طاحنة بينها وبين قوات بلعرب بن حمير انتصرت فيها القوات الفارسية ورغم احتلالها للمدينة إلا أنها لم تستطيع احتلال القلعة رغم الحصار الشديد والقصف العنيف بالمدافع.
– ارتكبت القوات الفارسية مجازر رهيبة ضد السكان في مدينتي بهلا ونزوى فلم ينجُ منهما إلا من هرب. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد القتلى في المدينتين بلغ عشرة آلاف شخص، وهذا يدلّ على حقد دفين فلم يرحموا طفلاً ولا شيخاً ولا امرأة.
– في ١٣ أبريل ١٧٣٨م تم احتلال أزكي وفرضت غرامات باهظة على السكان.
– في ٢١ أبريل ١٧٣٨م تمت السيطرة على وادي سمائل وكذلك تم احتلال مسقط، ولكن حصنَي الجلالي والميداني صمدا ولم يسقطا بيد القوات المهاجمة.
– إن إصرار الفُرس على احتلال قلعتي الجلالي والميراني رغم سيادته عليهما نبّه الإمام سيف مرّة أخرى إلى ما يضمره الفُرس له.
– فاتخذ الخطوات التالية:
– فك الارتباط والتحالف مع القوات الفارسية.
– انضمّ بقواته إلى خصمه بلعرب وقام بإجراء مفاوضات معه وتمّ الاتفاق على ما يلي:
١- تنازل بلعرب بن حمير عن ادعاءاته بالإمامة.
٢- نبذ جميع أنواع الخلافات بينهما.
٣- توحيد جهودهما في شتّى المجالات لقتال الفُرس وطردهم من عمان.
– في ٢٦ يونيو ١٧٣٨م وبعد حصار دام خمسة أسابيع انسحبت القوات الفارسية من مسقط وحاولت احتلال بركاء إلا أن مقاومة القبائل هناك حال بينهم وبين تحقيق مرادهم.
– دبّ خلاف شديد بين قائد القوات البرّية تقي خان وقائد القوات البرية لطيف خان بسبب فشل القوات الفارسية في احتلال مسقط وبركاء، وقد أدى هذا الخلاف إلى قيام تقي خان بدسّ السمّ في طعام لطيف خان انتهى بموته وأصبح هو قائد القوات البرية والبحرية.
– حاصرت القوات الفارسية مدينة صحار ولكن واليها أحمد بن سعيد البوسعيدي منعهم من مجرد الاقتراب من أسوار المدينة.
في هذه الأثناء قامت القبائل العمانية بمهاجمة القوات الفارسية في بهلا فأنزلوا بها كارثة كبيرة فقتل معظم أفرادها ومن تبقى على قيد الحياة اضطر للاستسلام.
– قُتل من القوات الفارسية في هذه المعارك حتى حصار صحار حوالي ألف جندي كما مات عدد آخر نتيجة الجوع والأمراض.
– بعث تقي خان برسالة مستعجلة إلى الوكيل البريطاني في بندر عباس يرجوه بتقديم مساعدة عاجلة له ولكن الأخير رفض ذلك حفاظاً على العلاقات الحسنة مع العمانيين.
– بعد أن وجد نفسه في وضع حرج ومرتبك اضطر تقي خان إلى سحب قواته نحو رأس الخيمة التي ترك فيها حاميه فارسية.
وفي أواخر يوليو ١٧٣٨م وصلت القوات الفارسية المنسحبة إلى بندر عباس.
– سبب فشل الحملة الفارسية الثانية:
– من المعروف أن الفرس أمّة تكره ركوب البحر وليس لديهم أية خبرة في هذا المجال، لذلك لجؤوا إلى القبائل العربية القاطنة على جانبي الخليج لاستثمار خبراتهم في الأسطول الفارسي سواء كان بالإكراه أو بالإغراء المادي. وبالفعل نجحت خطة نادر شاه رغم عدم شعور هؤلاء العرب بالانتماء أو الولاء للفُرس فهم مختلفون عنصراً ومذهباً كما يقول بلكريف.
– أصبح قادة سفن الأسطول الفارسي كلهم من العرب الذين كان لهم الدور الرئيسي في فشل الحملة الفارسية الثانية وذلك بقطع التموين عن القوات الفارسية في عمان نتيجة الثورة التي قاموا به.
– يمكن إيجاز الأسباب التي أدت إلى ثورة البحّارة العرب بمايلي:
١- المجازر الرهيبة التي قام بها الفُرس ضد أبناء عمومتهم في عمان.
٢- تعامل الفُرس معهم بغطرسة وفوقية وعنصرية مما أثار فيهم الحمية العربية.
٣- نقص وشح المواد التموينية المخصصة لهم.
٤- التأخر في دفع مرتباتهم.
– هذه الأسباب أدت إلى النتائج التالية:
١- استيلاء العرب على المواد التموينية التي في سفنهم.
٢- التوجه بالسفن إلى عرض البحر
٣- قطع خطوط الإمداد عن تقي خان وقواته في عمان.
٤- انسحاب القوات الفارسية من عمان.
٥- انقطاع التموين عن الحاميات الفارسية في رأس الخيمة والبحرين.
٦- شنّ هجمات انتقامية على الحاميات الفارسية في جزيرتي قشم وباسيدو.
٧- استعادة الشيخ جبارة لحكم البحرين في عام ١٧٣٨م.
٨- سيطرة شبه كاملة للثوار على مياه الخليج العربي.
٩- لجوء الفُرس إلى السفن الإنجليزية لإيصال التموين لحامياتهم ولكن هؤلاء تلقوا تحذيرات شديدة اللهجة من البحارة العرب فكفّوا عن ذلك.
– ولكن وللأسف الشديد وقعت خلافات بين الثوار مما سهل على الفرس مهاجمتهم واستعادة معظم السفن التي في حوزتهم وذلك في يناير عام ١٧٣٩م.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن الأسباب التي أدت إلى تأجيل الحملة الفارسية الثالثة على عمان.
المصدر: –
– عمان وسياسة نادر شاة التوسعية.
المؤلف: –
عدنان الزبيدي