الذكرى الخامسة لرحيل الأديب الشاعر والمؤرخ أحمد بن سعيد بن عامر بن حمد الحارثي – سلطنة عمان
حمود الحارثي
شاعر وأديب ومؤرخ من مواليد بلدة المضيرب التاريخية بولاية القابل من شرقية سلطنة عمان عاش في الفترة من عام ١٩٤٩م إلى العام ٢٠١٧م .
في بداية حياته العلمية تلقى أولًا علوم القرآن الكريم على يد المعلم سيف بن جمعه بن جميع العامري، بعدها تلقى علوم النحو والأثر بمساجد المضيرب على يد الشيخ سالم بن حمد بن سليمان الحارثي، والشيخ ناصر بن حميد الراشدي، والشيخ ناصر بن سعيد النعماني.
بعد ذلك سافر إلى مملكة البحرين، والتحق بالعمل هناك حتى عاد لسلطنة عمان في العام ١٩٧٠م ملبيًا نداء السلطان الراحل، قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- ليلتحق بعد عودته بالعمل في عدد من مؤسسات القطاع العام؛ حيث تنقل خلال مسيرته العملية في عدة جهات حكومية، منها وزارة الداخلية، وهيئة المخطوطات، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الكهرباء والمياه مختتمًا بها مسيرته الوظيفية، حيث اختار أن يتقاعد مبكرًا في العام ١٩٩٦م ليتفرغ لأعماله الأدبية.
كما تلقى -رحمه الله- حظًا وافرًا من العلوم العصرية في المدارس الحديثة مع بزوغ فجر النهضة المباركة؛ حيث التحق بالدراسة بقسم تعليم الكبار بمدرسة الجلندى الإعدادية بولاية بدية.
لقد كان -رحمه الله- شاعرًا وأديبًا ومؤرخًا وقارئًا متعمقًا في كتب الشعر والتاريخ، عرف عنه سرعة البديهة وحبه للسفر والرحلات، زار العديد من مدن العالم شغوفًا بالاطلاع على الحضارات الأخرى، وقد كتب فيها الكثير من قصائد أراجيز الرحلات التي أورد معظمها في قصائده الشعرية.
كما أنه بدأ يقرض الشعر في سن مبكرة، وقد انصرف عنه بعد ذلك ليؤرخ حقبة زمنية من تاريخ قرية النبأ التاريخية التي تقع بولاية القابل من شرقية سلطنة عمان من خلال كتابه الذي أصدره قبل وفاته بعنوان:(النبأ بأقلام الأدباء)، وله إصدارات أخرى لا تزال مخطوطة بخط اليد، منها كتاب (العادات والتقاليد العمانية)، وكتاب (ثمار المساعي في توثيق الترابط الاجتماعي)، وكتاب (العمر السعيد لوالدي سعيد)، وكتاب (تعريف الأحفاد بمواطن الأجداد).
ليعود بعد ذلك لكتابة الشعر متألقًا في شعر المناسبات الوطنية والغزل وأراجيز الرحلات؛ إذ لا تمر مناسبة وطنية إلا ولدت معها قصيدة، كما أنه يقرض الشعر النبطي والفصيح. كتب الشعر متدفقًا في حب الوطن وقيادته الحكيمة، وقد قام بإصدار ديوان شعري بعنوان:(ديوان القبس) متيمنًا باسم السلطان الراحل، قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه.
كما عُرِف عنه قربه من الجميع وحبه الشديد لقريته المضيرب التي قال فيها عددًا من القصائد؛ حيث كان يقضي -رحمه الله- معظم وقته في مكتبة النادي. كما أنه من مؤسسي نادي المضيرب الرياضي الذي تم إشهاره في العام ١٩٧٧م، وشغل عدة مسئوليات إدارية في إدارات النادي، كان آخرها نائبًا للرئيس في الإدارة التاسعة.
وللأديب الشاعر -رحمه الله- اهتمامات وإسهامات جليلة في توثيق الأحداث التاريخية وجمع النوادر من الوثائق والمخطوطات والقطع الأثرية، وكان من ضمن الشخصيات العمانية التي تم استدعاؤها لتوثيق التاريخ العماني الشفوي (المروي) في مشروع توثيق التاريخ الشفوي (المروي) عن سلطنة عمان الذي نفذته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في العام ٢٠١٥م.
كان مولعًا باقتناء المخطوطات التاريخية، ولديه مجموعة قيمة من الوثائق التي يعود تاريخها لأكثر من ٣٠٠ عام، وقام -رحمه الله- في فترة من الفترات بجمعها وتوثيقها في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية. كما قام تلفزيون سلطنة عمان بإعداد تقرير عن اهتماماته الأدبية وعن جمع الوثائق والمخطوطات.
حتى ترجل الفارس عن صهوة قلمه لينتقل إلى الرفيق الأعلى صباح يوم الخامس من رمضان عام ١٤٣٨هـ، الموافق ٣١ يونيو من عام ٢٠١٧م، تاركًا إرثًا أدبيًا بعد مسيرة حافلة بالإنجازات والعطاء المخلص في خدمة وطنه سلطنة عمان.
رحم الله الأديب الشاعر والمؤرخ الراحل أحمد بن سعيد الحارثي، وأسكنه منازل الأبرار، فقد عرفناه رجلًا بارًا بوطنه سلطنة عمان، ومدرسة من مدارس السمت العماني.
الوفاء للراحلين .. من شيم الكرام .. فالعظماء لا يرحلون .. فقد مروا من هنا وهذا الأثر.