2024
Adsense
مقالات صحفية

رمضان عطايا وهدايا

د. محمد عزيز عبد المقصود
أستاذ لغويات مساعد بكلية اللغة العربية
جامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه الإسلامية العالمية ماليزيا
الإيميل /mohamedaziz@unishams.edu.my
mohammadaziz1974@yahoo.com
عندما دخل علينا شهر رجب كنا ندعو قائلين:”اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”، والحمد لله تعالى أن بلغنا رمضان ونحن في أتم صحة وعافية، وهذا فضل وكرم منه سبحانه وتعالى، فلله الحمد والمنة.

ولهذا الشهر المبارك عطايا وهدايا تنير لنا دروبنا لتحيا بها قلوبنا في أيامه ولياليه، وفيه من الخير ما ليس في غيره، ففيه أنزل القرآن، يقول الله تعالى:” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ”.(البقرة: من الآية 185). وذلك في ليلة خير من ألف شهر، هي ليلة القدر، يقول الله تعالى:” إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ”. (القدر:1: 3). فاللهم بلغنا إياها وأنت راضٍ عنا يا رب العالمين، ولا تحرمنا أجرها وفضلها.

وقد روى أبو هريرة- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:”إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ، فلم يُفتحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ، فلم يُغلقْ منها بابٌ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ، وللهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كلَّ ليلةٍ”. (الألباني: 759).
في هذا الحديث بيان بعض أفضال شهر رمضان وما فيه من عطايا الله للعباد، وقد أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم- أن هناك خيرا كثيرا يناله العباد في أول ليلة من شهر رمضان، وهذا الخير يعد خصوصية لهذا الشهر المبارك، وفيه حض على الجد والاجتهاد فيه؛ لننال الثواب والأجر العظيم.

وقد بيّن النبي- صلى الله عليه وسلم- عظمة كرم الله تعالى ولطفه بعباده الصائمين؛ حيث أنعم عليهم بنعم كثيرة، منها في الحديث:
** “صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ”، أي شدّت عليهم الأغلال والسلاسل؛ كي لا يفسدوا على الصائمين صيامهم.

** “غُلِّقتْ أبوابُ النارِ، فلم يُفتحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ، فلم يُغلقْ منها بابٌ”، وهذا سبيل لأداء العبادة على أكمل وجه، فأبواب الشر موصدة، وأبواب الخير مُفتَّحة لكل من يريد فعل الخير في هذا الشهر المبارك، ولا يخفى ما في بلاغة الكلمة من أثر في المعنى في كلمتي ” غُلِّقتْ” و”فُتِّحَتْ”، فتضعيف اللام والتاء يعطي قوة في النبر، وفيه مبالغة في تضعيف الإغلاق والفتح.

** “يُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ” ترغيب في أعمالِ الخيرِ، وإمساك وامتناع عن طلب أعمال الشر، وفي هذا سبيل إلى تقوية عبادة الله تعالى في رمضان، فالقلوب فيه تكون أكثر قربا منه سبحانه وتعالى، وحريصة على الطاعات والبعد عن المنكرات.

** “للهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كلَّ ليلةٍ”، وما زالت الهدايا والعطايا تتوالى من الله تعالى لعباده في هذا الشهر المبارك، وتزداد رحمته بعباده الصائمين القائمين الذين عرفوا للصيام حقه وآدابه، فما من جزاء لهم إلا أن الله تعالى يعتق رقابهم من النار، وذلك في كلِّ ليلةٍ مِن لَيالي رمَضانَ، وفيه حث على الاجتِهادِ في هذا الشَّهرِ الفَضيل.

فاللهم أعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأزواجنا وذرياتنا وإخواننا وأخواتنا وجميع أقربائنا وأهلينا وأحبابنا ومن له حق علينا من النار، وتقبل صيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا، واختم اللهم بالباقيات الصالحات أعمالنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights