سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

اقرأ إن كنت لا تقرأ

عبد الله بن حمدان الفارسي

لقد شدني وأثار فضولي وهيج قريحتي، وجعلني أهم بكتابة مقالي هذا، الذي ربما يكون هو أقرب للتعقيب أكثر منه مقالا، مقال للأخ الأستاذ/ خلفان بن ناصر الرواحي، الذي تم نشره في صحيفة النبأ الإلكترونية بتاريخ 22/3/2022 بعنوان:(من فضلك لا تقرأ إن كنت…!) الأمر الذي حدا بي حينها بتعليق مختصر عليه.

وعطفاً على ذلك المقال وما احتواه؛ نجد الكثيرين منا لا يحبون القراءة، علماً بأن بعضنا يقع تصنيفه في قائمة الكتاب، وله منشورات عدة، ولا عجب إن قلت مؤلفات، وشخصياً لاحظت ذلك، وبنيت وجهة نظري المتواضعة التي تتفق وتساؤل الكاتب عمّن حولي والمقربين مني؛ فأجد القليل من يجدّ ويجتهد ويكلف نفسه بمتابعة مقال أو قراءة كتاب!

علماً بأن منهم من يتشدق بالمعرفة ويتفوه بالدراية والاطلاع، وكثيراً ما تجده يثير مواضيع ذات أهمية؛ ليدور حولها فيما بعد الجدل والنقاش المنطقي، ولكن ما العلة التي تجعله يعزف عن القراءة، وهو من ينتمي إلى أمة (اقرأ)؟!

ولو رجحنا القول الذي يميل بأن صعوبة ذلك تعود إلى قلة المصادر المتوفرة بين يديه وبُعدها عن متناوله، أجده شخصياً، ولربما يتفق معي بعضهم ليس هذا بالسبب الأهم، فقد أصبح الأمر أكثر سهولة ويسراً من ذي قبل من حيث توفر تلك المصادر ذات المحتويات المتنوعة والغنية بما تنضح، ومن أبسط الأمثلة على ذلك توفر شبكة المعلومات وما تقدمه من خدمات ذات نفع كبير وبسهولة، وأيضاً توفر الصحف الإلكترونية التي لا تحتاج منا عناء السعي، وبذل الجهد الجسدي للحصول عليها.

إذاً هي مفارقة في غاية الصعوبة، ومعضلة تحتاج فعلاً لتحليل أكثر واقعياً وعمقاً للوقوف على الأسباب الحقيقة لهذا الجفاء، وهذا مجال ذوي الاختصاص. حقاً لا أجدني مهيئاً لإيجاد التأويل المناسب لمن يدعي ويتباهى بمكانته الاجتماعية والوظيفية، وهو في الوقت ذاته يمر على أي صحيفة، أو مقالة بها، أو كتاب، وما يحتويه مرور السحاب الصيفي، ولكن بقدر بساطة الاستخلاص الذي توصلت إليه بأن قراءته لأي محتوى ليس له صلة بإشباع نهمه الثقافي، وملء خزينته الفكرية بالمعلومات من أجل إثراء عقله وتنميته، بل السبب، وهذا هو الارجح؛ هو فقط من أجل ما يزود به قلمه وليس فكره، ويقوي به صلبه الوظيفي أو المجتمعي، وأيضاً دائماً ما تجده يقرأ لمن هم من شيعته دون غيرهم من الكتاب، وكذلك لشخصنة الأمر من حيث العداء للكاتب وليس للمقال، أو لغايات شخصية بحتة ليس لها صلة بالمحتوى وإن كان دون المقام. هم فقط مطبلون لا علاقة لهم بالنوعية والجودة، (النفس وما تهوى !)، فالقراءة زاد ومن أكثر منها وشرب من مناهلها لا تسبب له تخمة أو ترهلاً ذهنياً، بل هي من المقويات والمقومات التي تكون سبباً في ازدياد الطاقة العقلية، وإبراز العضلات الفكرية، فتزودوا بالقراءة؛ فإنها السبيل لإبقاء العقول والقلوب على قيد الحياة الغنية بالمعرفة، وأيضاً قراءتنا تُعد بحد ذاتها قنوات عبور، ورافدا يصب في مصلحة النشء الذي نأخذ على عاتقنا مهمة توصيلهم إلى بر الأمان والاطمئنان المعرفي، حين يجدون ويلتمسون فينا بأننا من أمة (اقرأ)، ولا نقوم بذلك من أجل العزة بالنفس، ولتصدر قائمة المناصب وارتداء زي الوجاهة فقط، إنما لشحذ هممهم ليكونوا بناة مجد، وترميم حضارة، ومواكبين متطلبات العصر.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights