31 شمعة
علياء بنت سعيد العامرية.
ها هو 25 من مارس يعود من جديد حاملًا معه ذكرى المرأة العظيمة التي اعتدت على إشعال شموع يوم ميلادها لوحدي، لا أدري إن كان في عالمي الواسع من هو أكثر جنوناً مني، ولكني على الأقل في محيطي ليس لي من شبيه.
سأشعل 31 شمعة هذا العام؛ لأن العظيمة سامية لو كانت على قيد الحياة لأصبح عمرها اليوم 31 عاما ، ولكن لا بأس يا سامية أنا سأفعل هذا نيابة عنك، سأشعل الشموع بنفسي كما أفعل كل عام، سأكتب عباراتك ليخلدها تاريخ كل يائس في هذه الحياة، سأخبرهم يوماً بأنكِ بطلة رغم صغر سنك، بطلة رغم الصعوبات والعقبات، بطلة لأنك تحديتِ الحرب والظلم والخسارات، بطلة لأنك جعلتِ من رائحة البارود عطرا من عطور الانتصار، بطلة لأنك أدركتِ منذ طفولتك أنكِ بطلة، أتذكرين حين قُلتِ لوالدك يوما: “أتدري يا أبي ،يمكن التنبؤ ببعض الأشياء، فأنا ومنذ نعومة أظافري أعرف بأنني سوف أصبح بطلة ذات يوم”؟ .
وها أنتِ اليوم مِثال يقتدى به، ها أنتِ اليوم اسم فرض حضوره في قلب كل يائس في الحياة، كل تائه في دهاليز الشتات والتشرد، وإن سألتِني يوماً عن أمنياتي سأتمنى أن أُصبِح قوية مثلك، أن أتحدى العالم لأصل إلى أحلامي كما فعلتِ، أن أرحل من هذه الحياة منتصرة لا تهزمني رياح الفشل.
عزيزتي سامية… لقد قُلتِ يوما: ”كلما زادت إنجازاتي في الركض، زادت خسارتي في الحياة.” قد خسرتِ كثيراً في حياتك، وكل فوز كان يُذيقكِ مُرًا جديدًا حتى أذاقنا مُر غيابك الطويل، حتى غيابك كان فوزا ، لو لم ترحلي من هذه الحياة لما وصلت قصة بطولتك إلينا، لما عرفتك وتشبثتُ بِك، لما تذكرتك كلما ضاقت بي الأرضُ بما رحبت، لما أشعلت في غيابك الشموع، لما جُننت للحد الذي يجعلني أحتفل بيوم ميلاد امرأة ميتة.
أتعلمين يا سامية، بعد أن عرفتك أصبحت أحب كل سامية في هذا الوجود على أمل أن أجد من تشبهك في سموك، أتعلمين؟ تمنيت لو أذهب إلى البحر الذي أغرقك لأسأله إن كان سعيدا بوجودك، ولكن كلها أحلام واهية، وأنا لا أملك إلا الدعاء بأن يرحمك الله، وأن تُقرأ قصتك لتصبح عبرة لكل من تحولت روحه إلى شظايا، لكل من اتخذ الفشل ذريعة لعدم إكمال ما كان يسعى لتحقيقه.
غاليتي شكراً لحسن احتمالك لنص مجنون كهذا، لنص لا يعبر إلا عن القليل مما أحمله لك، وربما أقل من القليل، واسمحي لي بأن أختم رسالتي باقتباسٍ من أقوالك المحفزة: “احلمي، يا سامية، احلمي، كما لو كنت ريحا، تعبث بين أوراق الشجر” ، واسمحي لي بأن أقرأ قصتك للمرة الثالثة، وأرجو أن لا تبخلي علي بزيارة أخرى، فأحلامي بحاجة إلى وجودك الذي أحب، وإلى الحين الذي سنلتقي فيه ذات حلم، أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
– سامية يوسف عمر هي عداءة صومالية، ولدت في 25 مارس عام 1991 وتوفيت غرقا في البحر المتوسط في 01 أبريل عام 2012 ، وخُلِدَت قصتها في رواية كتبها جوزيه كاتوتسيلا في رواية بعنوان: “لا تقولي أنك خائفة”