رَســائـِـل فُـــؤَاد(ج8) أخلاقك ميزان حياتك
فؤاد البوسعيدي
* عندما يأتي إليك شخصٌ ما فيتواصل معك، ويقوم بنصحك وخصوصاً عندما يكون أكبر منك في العمر؛ فتأكد بأنّه شخصٌ يحبّك، ويهتمّ بأمرك، واعلم أنّه شخصٌ له من الخبرات والتّجارب الحياتية الكثيرة التي قد تستفيد منها، فتقوم باللّجوء إلى نصائحه كلّما وقفت حائراً بلا حلولٍ في بعض شؤونك المختلفة؛ فكبار السّن في العادة لهم قدرهم العظيم فيما يتعلّق برجاحة العقل، وقوّة الفكر، وصفاء الذّهن، فما بالك عندما يكون الإرشاد والنّصيحة من أحد الوالدين؟!
إنّ من أجمل الدروس الحميدة وأعظم الوصايا الخالدة التي تعلمتها من (جنّة دنيتي -رعاها الله-) ذلك الدّرس الذي يكبر معي كلّما مضى بي قطار العمر وسنينه، ألا وهو حثّـها المتواصل على معاملة النّاس جميعاً بأخلاقي أنا، وليس بأخلاقهم.
سماحة أخلاقك ونُبلها هي صفات، إن عظّمتها في مواقفك مع الآخرين فإنّها ستخلّد مع سنين عمرك القادمة، تأكّد وأنت تخوض أيّامك أنّه لن يفيدك كثيراً عنجهيّتك المُقرفة، أو سوء خلقك وأدبك، أو أيّ من الحماقات التي قد تقوم بها، وأنت تتواصل مع الآخرين.
نصيحة..
-لا تستخفّ ولا تستصغر كلّياً كلمات الآخرين وخصوصا الأمّهات والآباء، فالمجمل الكبير من أقوالهم وأقوالهنّ فيه من الحكم الكثيرة التي قد تكون سلاحاً مفيداً لك في مستقبلك ومنارة تضيء بعض المسارات المعتمة التي قد تسير فيها في يوم من الأيام.
* ابتسم مع وأمام مبادرات الجميع تجاهك، فهذه الحياة قصيرة جدّاً حتى وإن عشت عشرات من السنين القادمة التي ستشعرك بأن هنالك المزيد من اليُسر والعسر في قادم العمر، وأنت تختلط مع هذا أو ذاك، أخلاقك هي السّلاح الذي قد يحميك من مفاجآت كثيرة لا تعلمها، ومن أقدار قد لا يسع قلبك أن يتحمّلها، فاعلم أنّه لا بأس أن تقوم أحياناً بإكرام الآخرين بكلمات طيّبة وراقية تنبثق من لسانك عندما يسمعونها منك وأفعال رائعة وجميلة عندما يشاهدونك تقوم بها.
اجعل الآخرين يشاهدون فيك نور الشّمس أو ضياء القمر، حتى وإن كانت آذان من تعاملهم مملوءة بأطنان من القطن الذي قد يمنعهم من سماع ما نقوله لهم، وأعينهم محاطة بضباب وغشاوة مداها بحار العالم تعميهم عن رؤية أفعالنا النبيلة..
نصيحة..
-أحيانا عليك أن تنظر للآخرين مبتسماً، وكأنك في أعلى السماء وهم دونك.
– تعلّم أن تنظر إلى تصرفات الآخرين تجاهك، والتي لا تحبّها، وكأنّها شيء لم يكن أبداً في حياتك.
* سيأتيك اليوم الذي ستُجبر ويتوجّب منك أن تختلط مع الآخرين، ويطلب منك أن تنغمس في المجتمع، عندما يحين ذلك اليوم؛ عليك ألا تتوقّع أن جميع البشر في الخارج يحملون نفس جيناتك ويتّصفون بنفس صفاتك وأخلاقك؛ عليك أن تعلم أن هناك من الناس من سيتودّد إليك كلّما تودّدت إليه، وهنالك ربّما من سينظر إليك بنظرة مختلفة ويجدك مناقضاً لسلوكياته؛ فينفر منك.
عليك ببساطة في حياتك هذه أن تعلم بأنّ الناس الذين قد تتعامل معهم في بعض الظّروف وفي بعض الأيّام، قد يكونون نوعين: نوعاً مثل الحصان الذي كلّما قمت بالتّقرب إليه، وكنت في منتهى الصّدق والطيّب والسّماحة بمحاسن أخلاقك من أقوال وأفعال تجاهه رأيته وفيّاً لك في أقواله وأفعاله، وستجده يظلّ للأبد مُخلصاً لا ينساك أبداً لا يمنعه مستحيلٌ من أجل الوقوف معك عند يُسرك وعُسرك.
أمّا النوع الثاني من البشر فهو ذاك الذي يكون مثل ركضات السّرطان الذي يُرى في الرّمال وبين صخور الشواطئ، هو كثير الحركة والريبة لا يعلم ما يريد أحياناً، بل وكأنه مجرم يحاول الهروب من العدالة، فأنت كلّما تودّدت له، وحاولت التّقرب إليه بطيبك وبأخلاقك الحسنة رأيته ينفر منك ويخافك على الرّغم من أنّك لا تودّ أبداً أن تلحق به أيّ أذىً أو سوء.
* تمسّك بما لديك من أخلاق طيّبة، ولا تقمْ بقياسها على ما تجده في أخلاق الآخرين وتعاملاتهم معك، وتعلّق جيّداً بكلّ ما عندك من سماحةٍ في الأدب والتّربية، ويجب عليك ألا تيأس من بعض ما سيحدث في حياتك..، ومهما مردغتك الأيّام وبعثرتك أو خذلتك الظّروف، فلا تتخلَّ عن تلك المبادئ الأساسية التي تربّيت عليها منذ صغرك.
لا تَنْأَ بنفسك عن أيٍّ من تلك الأمور الجميلة والحميدة التي قام أهلك بتعليمك، وازرعها في مفاهيمك؛ لكي تكون معياراً عاكساً أخلاقهم قبل أن تكون عاكساً أخلاقك؛ تذكّر دوماً أنّه مهما كان السّوء الذي ستجده في بعض ما تريد وتتمنّى من أمور، ومهما كانت الصّورة حالكة ولا تسرّك؛ عليك ألا تقوم بـقلب الموازين التي كبرت معها، وتذكّر أنّ هنالك من تعب في تنميتك بتأديبك بأحسن الأخلاق وأفضلها.
* عندما تقع بعيداً عن أهدافك؛ عليك أن تتعلّم كيف تقف من جديد دون أن يكون طريق الوقوف هو تغيير أخلاقك، ستجد نفسك في بعض اللّحظات محطّماً مكسوراً تكره الحياة في أوقات مثل تلك.. تذكّر..
– كلّما كبرت في العمر وخبرت في الحياة ستتعلّم أنّك لن تجد يداً حانية دائماً تمسك بك عندما يتخلّى عنك أحدهم، ولن تجد دوماً أذرعاً حامية تحيط بك وتحميك وتساعدك على الوقوف من جديد عندما يُسقطك أحدهم، أو يكون سوء الحظّ هو السّبب لسقوطك.
– عندما تسمع أحدهم يقول: الوقت كفيل لإيضاح أمر ما؛ عليك أن تقوم بتصدقيه، فبالفعل انتظار مرور الوقت لن يكون مُخذلاً لك عندما تكون باحثاً عن الحقيقة، أو تنتظر أمراً لتراه على حقيقته؛ فالوقت كفيل ليعلم النّاس الذين تتعامل معهم حقيقة أخلاقك.
– أحيانا من تعوّد على كثرة الخذلان وتكراره من قبل من تعامل معهم سابقاً لن تؤثّر فيه حدوث الأفعال أمامه مهما كانت قوية؛ لأنه يكون قد زرع في نفسه فكرة أنّ الناس تتشابه.
– مهما خذلك أحدهم ومهما تخلّى عنك الآخرون؛ عليك أن تعلم أنّ الصّبر على الشّدائد هو في حدّ ذاته إنجاز كبير لك إن قمت به وهو هدف عظيم، عليك أن تقوم أحياناً بالعمل من أجله.