نسعد ليسعد من حولنا
سعيد بن خلفان بن سعيد الحكماني
الإنسان متقلب المزاج، فتارة تراه يقفز من السعادة، وتارة تراه حزينا كئيبا، وبعضنا يخفي ما في نفسه، فتجده سعيدا، وإن كان بداخله حزن ما، فلا يستقر على معنى واضح في داخله ليعرف أن هذا ما يسعده، ولكن نتفق جميعنا كوننا بشرا بغض النظر عن أعراقنا وأجناسنا ودياناتنا أن أي حدث جديد في حياتنا يحدث فرقا في نفوسنا، فنبتهج وتظهر أنوار ابتسامتنا على وجوهنا، وتشرق كنور يضيء ما حوله؛ لذلك أرى -من وجهة نظري المتواضعة- -أن يكافئ الإنسان نفسه بما يجلب له السعادة.
فالقرب من الله سبحانه هو سعادة، والابتعاد عن المتشائمين والمتذمرين هو بحد ذاته يوصل للسعادة، فتأكل وتشرب ما تشتهيه نفسك، وتجلس مع من تطمئن له نفسك، فأدوات السعادة ميسرة وحولنا، ولا تُطلْ وقت الانتظار بأن تمني نفسك إن تحققت لي الأمنية التي أرجوها سأكون سعيدا، بل جدد روحك، وحلق بها عاليا، فقط، ابحث عنها حولك ستجدها حتما، وستغط في نوم عميق لتستيقظ على صوت الأذان وزقزقة العصافير، وستبدأ صباحك بل يومك كله بعد أن تملأ رئتيك بهواء الفجر النقي، ولتتأكد بيقين تام بأنه مهما تزاحمت الأحداث في رؤوسنا وتتشابك خيوطها، وكأنها لغز لا حل له، ولكن ما تلبث أن تتفكك وتتضح معالم ما كان غامضا لك، فقط، تحتاج إلى هدوء، والنظر لها من زاوية مختلفة، وبأن تطمئن نفسك، وتتيقن أن هناك ربا يزيح ما كنت تحسبه لن ينزاح عنك.
يقول الله تعالى:(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا(6)). (الشرح:5،6)، فالعسر يتبعه يسر، وإن أبطأ وتأخر، ولكن تأكد بأنه قريب جدا، وليكن لديك يقين بأنه ذات يوم ستجد قلبا ينبض بالبشاشة والسعادة، وسيحتويك بكل ما فيك من عيوب، وسيجعلك أسطورة من الأساطير تطير بجناحين لترفرف بهما عاليا، وستعانق السحاب، وستغرد مع زرقة السماء ومنظر الأرض ببحارها وبساتينها وأنهارها بعيدا عن عبث العابثين وسلطة المتسلطين، فلا عقبات ستوقفك، ولا كلمة ستسجنك.
ستكون ذات يوم حرا طليقا تعيش أياما تختلف عن سابقتها بحروفها الرائعة وبموسيقاها المعبرة لك عن نوتاتها الممشوقة بقوام لا تعرف للحزن مرتعا، ولكن لن تنسى بأنك ما زلت تعيش بواقعية الإنسان المؤمن بحتمية أن الخير سيظل موجودا يعانقنا أينما حلت سحائبه.
ولكن لا بد أن تزيح التشاؤم عنك، وتشارك السعادة مع كل من تصادفه، المهم أن تكون سعيدا بما يكفي؛ ليشع وجهك نورا وبشاشة وعظمة وكبرياء يليق بالمؤمنين بها، فحمدا لله حمدا يليق بجلاله.