المهنية الصحفية
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
حينما نقول مهنية، فإننا نقصد بها: احتراف وتخصّص بحتْ، وإن أنجح صحف العالم هي من وضعت المهنية في مقدمة أولوياتها بعيداً عن التخبط والعشوائية في تقديم الرسائل الإعلامية.
عذراً صحافتنا العربية، قليل من يعمل بمهنية الصحافة وقليل من يعترف بها، فما يُكتب ويُصاغ يقدّم لكي يشبع رغبات القارئ، وما يحدث الآن من تناقل أخبار هو حشو بلا فائدة، فقليل من المواضيع الإعلامية المتداولة مكرّر ولا يوجد جديد، نفس الصياغة، نفس العبارات، نفس الأسلوب حتى أننا مللنا تصفّح تلك الصحف، ورقية كانت أو إلكترونية،
التميز هو الانفراد والاختلاف والتنوع في طرح القضايا التي تهم وتشغل بال المجتمع، حين أقلّب صفحات تلك الصحف وإن اختلفت مواضيعها إلا أنه لا جديد يشدّ القارئ ولا معلومة تضاف إلى المخزون المعرفي لديه، أجد نفسي وحيداً أغرّد خارج السرب، أتساءل هل هذه الصحافة الحقيقية؟ وإنني لست على دراية بمهنة الصحافة ومهمتها، حتى أن بعض الحسابات على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي أخذت دور الصحافة الحقيقي، ركنتْ بعد ذلك صحفنا في أدراج التهميش، حتى أن الغالبية العظمى أصبحت تستقي معلوماتها من تلك الحسابات.
لا أعلم حقيقةً إلى أين ستهوي صحافتنا وأين ستصل إن كانت تملأ صفحاتها بأخبار عامة لا فائدة منها، ولا أعلم أبداً ماذا تريد صحافتنا من خلال إصداراتها اليومية، هل فقط لملئ الفراغ وأنه إلزام عليها طباعة وبثّ تلك المساحة من أجل تسجيل الحضور؟
الصحف العالمية ومحطات الإذاعة والتلفزة تتسابق من أجل التميز والسبق الصحفي لا من أجل النشر والتوثيق فقط، بل أن بعض هذه الوسائل يتسابق الناس عليها من أجل معرفة تفاصيل كل حدث جديد، ونحن لا نملأ صفحاتنا إلا بصور الفعاليات الروتينية المبرمجة مسبقاً وننتظر أخبارنا من المؤسسات، لماذا لا نبحث عن ما وراء الخبر، لماذا تركنا العنصر المهم وهو الجزء الغير مألوف من الحدث وركزنا على ما هو متوقع فقط؟
لماذا استبعدنا المختصين وجلبنا من يقوم بجمع الأخبار لحشو الفراغ وملئه بكلمات ووصف لما يحدث دون التركيز على إبراز المهم من الأحداث؟
سيقول البعض دور الصحافة هو التغطيات ونشر الأخبار، نقول نعم ولكننا نبحث عن الأهم قبل المهم، خبر يتحدث عن الاقتصاد سوف يتم تغطيته كما هو دون وجود مرئيات حقيقية وما هو العائد المتوقع وأخذ المعلومة من صُناع الحدث، فقط نكتفي بالسطحيات دون التعمق في ما هو أهم من ذلك.
لدينا المقومات ولدينا مصادر الأخبار وننتظر ما يأتينا جاهزاً من أخبار صاغتها تلك المؤسسة، لماذا لا نكلف أنفسنا بالبحث والتقصي ووضع المادة الخبرية كوجبة دسمة يبحث عنها القارئ، هل نسينا دورنا بالتحري عن الدقة والتفاصيل المهمة؟
الخبر لا يكون ذا أهمية إذا لم يكن يبحث عن الحقائق وكشف المستور، لا يعنيني خبر توقيع اتفاقيات ما لم يكن هناك شيء يثير إهتمامي وما هي الفائدة التي ستعود إلي وإلى مجتمعي.
إن لم يعقب الخبر تحقيق صحفي أو حوار به أسئلة تخرج الكلمة من فم المعني بذلك فلا فائدة من الخبر ومصيره النسيان كباقي الأخبار المتداولة بين المعصرات.
الصحافة هي من تبحث عن الحقائق وهي من تحقق مع المؤسسات ذات العلاقة وهي من تعمل جنباً إلى جنب مع المسؤول من أجل تحقيق رؤية وأهداف الوطن والمواطن ولا يستثنى دورها الرقابي أيضاً.
نحتاج إلى مراجعة للعمل الإعلامي من أجل تحسين الجودة في كافة القطاعات، فبدون إعلام قوي يحرك المياه الراكدة سنظل على حالنا نكتب ولا نجد من يقرأ ويهتم، فوسائل الإعلام تساهم وتساعد الجهات الرقابية ضد من يتخاذل في أداء واجباته ومهامه الوظيفية، وإن كنا سنظل كما نحن (سلملي على صحافتنا الخجولة).