سمسرة الضمائر
سالمه بنت نصيب الفارسية
بالرغم من أننا نعيش في عالم يوصف بالعالم المادي ،إلا انه وبرغم المادية المستشرية في المجتمعات إلا أنَّ هناك مجتمعات تعي حدود و جدوى المصلحة المادية..فإذا كانت هذه المصلحة الآنية قليلة بالمقارنة بالتضحيات المستقبلية الكبيرة والظلم الذي سيلحق بالاجيال القادمة والحمل الثقيل الذي سيرثوه من اسلافهم فإنه يرفضها ..يقول احدهم:” هذه الارض لم نرثها من اجدادنا وانما استعرناها من احفادنا ولابد أن نعيدها لهم أفضل مما هي الآن” ..ربما ذلك بسبب الوعي والتجارب لدى الشعوب والتي كلفتهم الكثير حتى وصلوا للنضج الثقافي ..عندما ترى أبناء وطنك عميان عن رؤية مصلحتهم العليا ..عندما ترى وطنك ينهش ويباع من قبل أبناءه..عندها ينتابك شعور أقل ما يقال عنه أنه مؤلم. بل هو مزيج من الألم والمرارة والتقزز.وطن يغتال بممارسات بائسة..حضارة تهمش وحقوق اجيال تغتصب.الكل يجري لمصلحة وليتها حقيقية .ولو تريث وتدبر لأدرك أن عكس ما يفعل لهو المصلحة العظمى سواء له أو لغيره. هناك افراد ينادون بالمصلحة ويحسبون انهم يحسنون صنعا وهم يهدمون بجهلهم ..لن أتحدث عن الكبار فلا شأن لي بهم ولا أملك بينة عليهم رغم ما نسمعه ونراه من سمسرة للضمائر بطرق مختلفة.. ولكنني سأتحدث عن أبناء جلدتي.. عن من هم في محيطي..من تمرغوا بخيرات وطن عزيز..أرض خير و عطاء ..بلد يغدق برا وبحرا وسماء..فأبوا إلا أن يكفروا بتلك النعم فتلقفتهم الحاجة ومحقت البركة من بين أيديهم جراء فعلتهم وتماديهم في غيهم ..في الفترة الحالية فترة يفترض ان تكون وطنية ومواطنة ..انتخابات مجلس الشورى والذي هو حق لكل مواطن ان يختار من يرى كفائته وقدرته على تحمل المهام الحقيقية لمجلس الشورى ..عندما تتحدث إلى شخص بغية توعيته بضرورة حسن الإختيار في إلانتخابات فيجيبك بأن صوتي مرهون للسمسرة ومن يدفع أكثر، عندما تطلب منه ان يمنح صوته للأفضل فيجيبك كم سيدفع؟ لا يقولها كمزحة لكن كعمل ممنهج من المتسلقين واصحاب المصالح ممن يبيعون كل شرف وذمة ويشترون بها ذمم عبدة القرش .. لسنوات وهم يرسخون ثقافة بائسة تجعلك تشعر أنك تعيش في مستنقع … ليس المرتزق برشاوي الانتخابات من يشعرك انه يعيش في مستنقع فقط.. بل حتى انت تشعر أنك تعيش في نفس المستنقع طالما أنك تشاركه العيش في نفس المجتمع.سيقول البعض هذه ثمار ما افرزته الدولة ..ولكن لا والله ..ربما هناك دور للمؤسسات ولكن تبقى الكرامة الإنسانية في البشر ..حقيقة هناك الكثير من الشرفاء ولكن مع وجود شريحة كبيرة من مرتادي سوق سمسرة الضمائر لابد أن نشعر بالحزن على ما نحن فيه.ما الذي قتل في هؤلاء الشعور بالكرامة ،بالتعفف ..لنترك مصلحة الوطن جانباً فالحقوق السياسية والمشاركة الوطنية تأتي في قمة هرم الحقوق الإنسانية .ولكن الشعور بالإنسانية هي من أهم المبادئ وأساسها.قال تعالى” إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا* سورة الأحزاب 72. إنه ليس الجهل المرادف للتعلم ولا الحاجة.. فقد عاشت أمم في جهل وفقر ولكن كانت قلوبهم تشع بمكارم الأخلاق ، والأنفة والتعفف.فما الذي أدخلنا في هذا السوق .. سوق سمسرة الضمائر وبيع الذمم؟ ما الذي جعل الناخب يشعر ان المرشح شجرة مثمرة نضج أكلها وحان قطافه..انه جنى سوق سمسرة الضمائر وبيع الذمم الذي ابتلى به مجتمعنا وندعو الله ان يكشف عنا غمته.