ماذا تريد؟
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
غالبًا ما نسمع من بعض الأشخاص أنهم لا يعرفون ماذا يريدون، وعليه فالشخص الذي لا يعرف ماذا يريد في هذه الحياة يكون مشوش الذهن ومضطرباً في كثير من الأحيان، وإن جلست معهم ستجد أنهم يبحثون عن الأشياء التي لا يريدونها، وليس الأشياء التي يريدونها، مثل: لا أريد أن أكون فقيرًا، لا أريد أن أكون مديونًا، ولا أريد أن أعيش هنا، وغيرها من هذه الأشياء.
حينما كنا أطفالًا كان أقصى ما نتمناه هو أن نشتري الحلوى، ونلعب مع الأصدقاء، ونأكل وننام، وعندما كبرنا قليلًا، وذهبنا للمدرسة تغيرت متطلباتنا وما نريد من هذه الحياة، فأصبحنا نجتهد ونراجع دروسنا حتى نتفوق، وما إن كبرنا وأصبحت لدينا أسرة وعائلة تغيرت الأشياء التي نريدها من هذه الحياة، كل إنسان في هذه الحياة يريد أن يشعر بالراحة والسعادة، يعيش حياة جميلة مع أسرته والآخرين، وتربطه علاقات رائعة معهم، ويكسب مالًا من وظيفته، وغيرها من الأمور الأخرى التي يحتاجها، كل هذه الأشياء نحبها كلنا، ونسعى لها، ولكن ليس من السهل الوصول إليها إذا لم نعرف طريقها، وكيفية الحصول عليها، لماذا يوجد أشخاص لا يعرفون ماذا يريدون في هذه الحياة؟ لماذا نجد البعض منهم يحشر نفسه في كل شيء؟ لماذا لا توجد لديه خطة واضحة، ولا هدف محدد؟ لماذا يتمتع بشخصية ليست متزنة وسلوك متغير؟ ربما تكون الإجابة عن هذه الأسئلة هي عندما لا نعرف ماذا نريد في هذه الحياة يصبح حالنا بهذه الطريقة.
هل سألت نفسك يوماً ماذا تريد من هذه الحياة؟ وما الهدف الذي تسعى لتحقيقه؟ وإلى متى ستظل بنفس الوضع الذي عليه؟ معرفة ماذا نريد في هذه الحياة موضوع كبير ومتشعب، فكثيرًا ما كنا نُسأل منذ الصغر عمّا نريد أن نكون في المستقبل، والآن نحن نَسأل أولادنا عما يريدون أن يكونوا كذلك في المستقبل، وليس الأمر متعلقا هنا بموضوع الوظيفة، لا، بل هو بموضوع الشخصية والطموح، فنجاح الشخصية هو نجاح للشخص، ونجاح الشخص هو نجاحه في عمله وباقي حياته، وللأسف بعضنا لا يعرف هو أصلًا ماذا يريد من هذه الحياة، تخبط في مجرياتها، واتجاهاتها، فتارة تجده هنا، وتارة هناك، لا يسعى للحصول على أشياء محددة يحتاجها؛ بل يسعى خلف كل شيء، وربما في النهاية يخسر كل شيء.
العجيب في بعض البشر أنهم يسعون دائمًا وراء المستحيل، وهم يعرفون بأن الوصول لبعض الأمور ليس سهلًا، فلماذا يبحثون عن العذاب؟ ولماذا يركضون خلف الوهم أحيانًا؟ ليس شرطًا أن تكون واعضًا، ومثقفا، وطبيبًا، وعالمًا في الوقت نفسه، وليس شرطًا أن تكون سلبيًا، ومنتقدًا طوال حياتك، ولست مجبرًا في الرد والنقاش على كل موضوع يطرح، فهناك أولويات مهمة في حياتك يجب التركيز عليها، وتذكر دائمًا عندما تعيش في الدائرة الخاصة بك، ومعرفتك للأشياء التي تريدها في حياتك تجعلك تعيش في مسار أنت تعرفه وتعرف نهايته.