تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

عمان قوية بشعبها العظيم وحضارته العميقة

الجزء الأول

عبدالله بن حمد الغافري

تتمايز الدول والكيانات البشرية فيما بينها في الأعمار والبقاء والقوة والنماء كما تتمايز باقي المخلوقات الحية في ذلك ..

فمنها ما يتميز بقوة البنية ومتانة النشأة والامتداد الزمني كعمر افتراضي ومنها ما يكون غير ذلك

وفي القديم الغابر قامت حضارات معمرة ولكن سرعان ما اندثرت كالحضارة السومرية والأكادية والفرعونية والكنعانية الإغريقية

كما نهضت بعد بزوغ الإسلام دول متعددة كالأمويين والعباسيين ومن تبعهم كالسلاجقة والحمدانيين والفاطميين والأغالبة والمماليك والعثمانيين وحضارات الأندلس… الخ ولكن كلها أصبح أثرا بعد عين وخبرا بعد يقين ..!!

الا أن من الحضارات ما هو باق على مر العصور لم تضعضه الضعاضع ولم تزعزعه الزعازع .. بل ظل هو المؤثر في الآخرين وهو المناجز للمداهمين وهو العاقر للمغتصبين .. *إنه القطر العماني* ذلكم القطر الذي نال بجداره *وسام الاستحقاق الزمني* على مر الدهور وعبر مختلف العصور .. فكانت عمان عبر الزمان قبلة لمن كان ينشد البقاء والنماء..

إن الهاجس الاستقلالي والنزعة السيادية وعنفوان العزة والكرامة لدى العمانيين جعلتهم ربابنة المجد كما هم أسياد البحار ورهبان القفار ..

ومنذ القرون الغابرة حيث انهيار سد مأرب العظيم وحيث تباعدت الأسفار بين سبأ وما جاورها في حضرموت وصنعاء وذمار وبينها وبين مكة والحجاز وبينها وبين نجد والدهناء وبين (الأرض المباركة التي ينضح بجابها البحر) في سواحل تاريخية معروفة منذ القدم تبقى عمان عبر القرون والدهور وهي شامخة كالطود العظيم لا تحركها أية رياح؛ راسخة كرسوخ أطوادها في القمر وسمحان والأخضر وطيسعها وشامخات مسندم ..

لقد تكلم فضيلة الشيخ احمد بن سعود السيابي ابقاه الله أمين عام مكتب الإفتاء بان عمان تستحق الجائزة من الأمم المتحدة لأنها حافظت على كيانها الداخلي وقيادتها الثابتة على مر القرون دون تسلط لأحد عليها..

فمنذ مالك بن فهم الأزدي العماني وطرده الفرس في معركة سلوت الشهيرة ظلت عمان محافظة على كيانها طيلة هذه القرون، وظل ملك عمان شامة غراء على جبين الدهر وبقيت تاجا وعلما يرفرف على الأجزاء الجنوبية لشبه الجزيرة العربية حتى كاد الخليج العربي أن يكون بحيرة عمانية وقد ذكرت بعض المصادر التاريخية العراقية التي تتحدث عن النهرين وشط العرب انها تصب في *((بحر عمان))!* ومن يصدق هذا ؟! نعم يصدق عندما يكون الرجال المخلصون تجرى في شرايينهم دماء الوطنية والإباء .. وقد تفضل *مولانا جلالة السلطان قابوس عافاه الله تعالى وشفاه وامد في عمره وأبقاه* بحكمته وبعد نظره وعمق ثقافته التاريخية ورغبة منه في الحفاظ على الاسم العماني الجليل بأن أطلق مسمى (بحر عمان) على الخليج الذي يفصل الأرض العربية العمانية الأم عن أرض فارس في أقاليم البنجاب وبلوشستان وكرمان التي كانت تابعة للإمبراطورية العمانية أزمنة متعددة؛ وما جوادر وبندر عباس عنكم ببعيد .!!

لقد ظل البيت العماني قويا متماسكا بقوة الخالق سبحانه الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون! ولعل ذلك استجابة لدعوة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فيبقي النسيج العماني متماسكا دون مؤثر خارجي كما أشار الى إلى ذلك سماحة الشيخ أحمد الخليلي المفتي العام أبقاه الله تعالى في إحدى مقابلاته.!

كم من صدمة تأريخية تتعرض لها الجزيرة العربية كالحروب القبلية التي أكلت الأخضر واليابس وتدخلات الفرس والروم في بصرى والحيرة لم تنطل على العمانيين بل بقي العمانيون تحت معولهم الشمسي وفي بيت أبيهم الجلندي قامة سامقة معترف بها بين الأمم منذ الفراعنة وحضارات ما بين النهرين والحبشة والهند وغيرها مع عمان ..
وفي العهد الذهبي لسيد الخلق محمد رسول الله ﷺ الذي بعث بالرسائل والكتب إلى جيفر وعبد ملكي عمان .. فكان الإسلام الطواعي النقي من أهل عمان قاطبة إسلام أظهر رجولة العماني وصدقه وأثبت انتماء العماني الى إسلامه وأمته وعروبته!! فلم يخالطهم شك ولم تتطرق الى أركانهم ردة أو خنوع.. وما نسبت من أقاويل حول ردة دبا محض افتراء إذ كيف يرتدون وهم المجاهدون في اليمامة وأجناد الفتوحات شرقا وغربا!!

العمانيون أسياد أنفسهم لم يتدخلوا في سقيفة ساعدة بل كانوا لأبي بكر عضده وساعده، كذلك فعلوا مع الراشدين عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم كما لم يسمعوا لمن قال تلقفوها كما تتلقفون الكرة !!

هم الذين لاذوا بأنفسهم عند اشتداد الفتن – ولا يزالون على نهجهم في زماننا والحمد لله-
رغم ما حصل حيث تخالطت السيوف وجدعت الأنوف ومثل بأبناء الصحابة رضوان الله عليهم واشتعلت مدينة رسول الله بين الحرتين ولم تجد الدولة الزبيرية نفعا لأنه كان للجبروت نقعا حتى تهدم بيت الله العتيق تحت قذائف المنجنيق! من جبل أبي قبيص على ابن ذات النطاقين الذي استشهد ساجدا تحت أستار البيت الحرام!! بينما اعتمرت قلوب العمانيين إيمانا بالله لكنها تحرقت أسى وحزنا على ما حل بديار الإسلام من بوار فقال شاعرهم في وصف الفتنة :
((فماهي الا جدعة الأنف ما شفت@ غليلا وجرح لا يزال يغور))!!
حتى راح سليلهم يقارع وينازل بني أمية لعله يجد لكلمة الحق سبيلا .. لكنها اثمرت برا وودا بآية (العدل والإحسان) من سورة النحل الجلي!! على يد الخليفة العمري الولي ..!!
بل تبنوا الموقف الإسلامي العربي الأصيل الذي أكده الشاعر العربي بقوله:
(إني أحب أبا حفص وشيعته @ كما أحب عتيقا صاحب الغار
وقد رضيت عليا قدوة علما@ ولست أرضى بقتل الشيخ في الدار .
كل الصحابة ساداتي ومعتقدي@ فهل علي بهذا القول من عار)

وتبقى الشخصية العمانية والكيان العماني كالتاج المرصع بالدر المنضود على جبين الدهر المشهود فهذا الجلندي ابن مسعود رضي الله عنه ينآى بعمان عن فتن كل فاتن.. فلا شأن له بصراع ماحق .. ولا رغبة له له بنبش القبور ولا محاسبة الموتى فالمسلمون مكرمون أيا كانوا أحياء وأمواتا .. وأن انتقال الدول لا يعني طمس من رفع عنه القلم وغيبته الفيافي وبطون الاودية..

وتستمر عمان لتبني ولتنشر راية الحق ليس بالسيف ولكن بالكلمة الطيبة الصدق والأمانة وحسن المعاملة والإخلاص والنقاء.?
لم يسجل التأريخ لعمان وشعبها إلا كل فضيلة .. فطارق ابن زيادها يفتح الأندلس ولا يزال جبله حارسا لأخطر مضيق في الدنيا بين الاندلسين كما أن أشرعتها تجوب شرق أفريقيا ليكرمها بالإسلام دينا قويما..

لقد كان الحراك العماني حراكا حكيما وانتفاضته عبر الحقب التاريخية انتفاضة عز وحق وإصلاح وأمان .. فعندما غزا الحجاج عمان ودخلها وولى عليها ابن جناح ما كانت لترضى بالجبروت سبيلا.. ولا بالقهر طريقا.. فينتفض جابرها الزيدي الفرقي ويأبى أن يشترك في الظلم ولو بمناولة قلم لظالم، بل يأبى القضاء بين الناس وهو ربيب الصحابة وإمام التابعين.. حتى انزاح جبروت الثقفي عن عمان وتعود الإمامة الى الوطن ويستمر استقلال القطر العماني الكريم…

ولنا عودة للحديث عن العهد النبهاني واليحمدي واليعربي والبوسعيدي والعلم العماني سيبقى مرفرفا شامخا بعزة الله تعالى وقوته ولن يخضع هذا العلم يوما لمستعمر أبدا بمشيئة الناصر المعز سبحانه وتعالى ..

للتواصل
Alssedq@hotmail.com

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights