2024
Adsense
مقالات صحفية

الدماغ البشري والتعليم

أحمد بن موسى البلوشي

لقد وهب الله تعالى الإنسان نعمة العقل وميزه بذلك عن باقي المخلوقات، ويمثل العنصر الأساسي في الدماغ ذلك الجزء المحرك للتفكير والسلوك، حيث يعد الدماغ عضواً بالغ التعقيد يقوم بعمليات عقلية معقدة ومتشابكة.

تؤكد الدراسات أن عملية التعلم والتعليم تعتمد بصورة مباشرة على نشاط الدماغ بجانبيه الأيمن والأيسر، إلا أن هناك اتفاقاً موحداً بين علماء الأعصاب على أن الدماغ البشري يتأثر بالإشارات التي تنقلها الخلايا العصبية من حواس الإنسان، وإن الدماغ البشري يترجم تلك الإشارات إلى مفاهيم ومعلومات يمكن فهمها أو استبعادها أو الحكم عليها من خلال تفاعل جانبي الدماغ طبقاً لنوعية المعلومات والمفاهيم التي تقوم الخلايا العصبية بتوصيلها إلى الدماغ، فعمليتا التعلم والتعليم ترتبطان ارتباطاً ميكانيكياً مع آلية عمل الدماغ، وتؤثران على مجريات السلوك الإنساني، وخاصة عندما يقدم للمتعلم حقائق ومفاهيم ومعلومات معينة تنسجم مع الخبرات المختزنة في الذاكرة الموجودة في بنيته المعرفيه.

وأظهرت العديد من الدراسات التي استهدفت السيطرة الدماغية وطبقت على الأفراد عدم التماثل بين جانبي الدماغ في الوظائف العقلية؛ فالجانب الأيسر يعرف بأنه لفظي تحليلي يهتم بالتفكير المنطقي والرياضي والسببي، أما الجانب الكروي الأيمن فهو مركز الوظائف العقلية العليا والانفعال والإبداع واستخدام الخيال والمواد غير اللفظية المصورة والمركبة. ويعد الجانب الأيسر هو النصف السائد لدى غالبية الناس وهم الأفراد الذين يستخدمون اليد اليمنى في الكتابة؛ بينما تكون السيادة للجانب الكروي في نسبة قليلة من الأفراد، وهم الذين يستخدمون اليد اليسرى في الكتابة.

وحظي موضوع الدماغ بالبحث والاستقصاء من قبل الباحثين في محاولة جادة لفهم أساليب التفكير ومهاراته التي يستند إليها الأفراد في معالجتهم للمعارف والمهارات والوجدانيات التي يتعلمونها؛ إذ شهد عقد التسعينات من القرن الماضي تدفقاً كبيراً في أبحاث الدماغ والعمليات المرتبطة في عمليتي التعليم والتعلم.

وكشفت نتائج العديد من الدراسات التربوية فاعلية التعلم القائم على السيطرة الدماغية في تحصيل الطلاب كدراسة(Alesio; Scalia& Zabel) التي أشارت نتائجها إلى أن معرفة المعلم الجيدة بنتائج أبحاث الدماغ تمكنه من تصميم التدريس المناسب للتعلم، ودراسة (Montgomery& Whiting) التي أشارت نتائجها إلى أن التعلم المستند إلى خصائص الدماغ يساعد الطلبة على تنمية مهارات حل المشكلات ومهارات التفكير الناقد.

كل هذه الأمور تدعو إلى ضرور الاهتمام بالمعلم ونمط تفكيره، لما له من دور في فاعلية الاستراتيجيات وطرائق التدريس، وكذلك توفير بيئة صفية معززة للتعلم، وتهيئة الطلبة للتعلم من خلال تنظيم البيئة الصفية الداعمة للتعلم، والتي تعمل على تنمية الفهم العميق والمرونة العقلية، ومهارات التفكير المختلفة.

من كتاب التعلم القائم على السيطرة الدماغية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights