مقالات صحفية

الحقوق الزوجية في الإسلام (٧)

د. عبدالحكيم أبوريدة

الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
من الحقوق الزوجية التي أوجبها الإسلام للمرأة( وجوب صيانتها)، فمن باب حسن المعاشرة أن يصون الرجل امرأته ويحفظها من كل ما يشينها أو يمس شرفها وعرضها ويمتهن كرامتها، ويعرضها للقيل والقال، فإن المؤمن غيور على بيته وحرمته. روى الطبراني عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً: الديوث، والرجلة من النساء، ومدمن الخمر. قالوا: يا رسول الله: أما مدمن الخمر فقد عرفناه. فما الديوث؟… قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله. قلنا: فما الرجلة من النساء؟ قال: التي تشّبه بالرجال).

وجاء في السنن أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن).

والغيرة- سواء على الزوج أو الزوجة- طبيعة في الإنسان، فمن طبيعة الزوجة السوية أنها تغار على زوجها، وكذلك الزوج السوي يغار على زوجته، إذ أن كل من الزوج والزوجة يحرص على أن يكون محل احترام وتكريم وإكبار إذا ما انتسب إلى صاحبه؛ لأن الرجل يَشْرُف بانتساب الزوجة الفاضلة إليه، والزوجة كذلك تسعد بانتسابها إلى الرجل صاحب الخلق الفاضل، والسلوك القويم، والسمعة الطيبة، والعلم الوفير النافع.

والغيرة تكون محمودة إذا كانت من أجل إحقاق الحق، وإعلاء شأن الفضائل ومكارم الأخلاق، وتكون مذمومة إذا كانت من أجل الباطل وسوء الظن دون مبرر.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يغَار، وإن المؤمن يغَار، وغيرةُ الله أن يفعل العبد ما حرمه الله). رواه البخاري ومسلم.

وعن جابر بن عُتَيْك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:( من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الرِّيبة، وأما التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة…). رواه أحمد، وأبو دَاوُدَ، والنسائي.

والخلاصة: أن الغيرة تكون محمودة إذا كانت في حدود الإعتدال ومن أجل الدفاع عن الفضائل وعن مكارم الأخلاق، وتكون مذمومة إذا كان دافعها سوء الظن، واتباع التهم الكاذبة والإشاعات الباطلة.

وما أحكم قول الرسول صلى الله عليه وسلم 🙁 لا يفْرَك مؤمن مؤمنة، أي : -لا يكره مؤمن مؤمنة- فإنه إن كَرِه منها خُلقاً رَضي منها آخر). رواه مسلم.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights