رأي المواطن مهم لمعرفةِ أولوية المشاريع بالولايات
خليفة بن سليمان المياحي
منذ أن تولى مولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان، هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد عقب رحيل السلطان، قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- وجلالته يبذل قُصارى جُهده من أجلِ تحقيق التنمية الشاملة في البلاد من جهة، ومن أجل خفض مديونيات سلطنة عمان من جهة أخرى، وقد أكّد جلالته -حفظه الله- أنه في حال تم سداد الديون؛ فإن الوضع الاقتصادي للبلاد سيكون أفضل بكثير ممّا نحنُ عليه الآن، ومع كل ذلك فجلالته حريص على أن يستمر البناء والعمران، وإنجاز المشاريع الخدمية والتنموية في ربوع البلاد، جنبا الى جنب مع الإصلاحات الرامية إلى ترشيد الاستهلاك، ووضع الحلول الجذرية؛ لتحسين الجانب المالي، وأبرزها خفض الإنفاق العام على مختلف الأصعدة.
هذه مُقدمة بسيطة لما أنا بصدد الحديث عنه، فأقول: لقد وضع مولاي جلالة السلطان ثقته الكبيرة في أصحاب السعادة المحافظين والوُلاة، ومجالس البلدية، وكذلك المشايخ والرُشداء بِعَدِّهم الركيزة الأساسية، وكانت وما زالت الحكومة تعول عليهم الكثير في الأمور المتعلقة بالمجتمع؛ كونهم الأقرب إلى المواطنين، وهم على تواصل مستمر معهم بشكل عام، وقد أعطى جلالته الصلاحية التامة للمحافظين في صرف المبالغ الممنوحة لمحافظاتهم في مجال إقامة المشاريع التي تعمّ فائدتُها المُواطنين، وتلامس احتياجاتهم، وإنني هنا أتحدث عن عموم السلطنة، وليس عن مُحافظة مُعينة أو ولاية معينة؛ لأن الدعم يشمل الجميع، وجلالته -حفظه الله- بدأ نهج المشورة، فالتقى بالمشايخِ والرشداء بحضورِ أصحاب السعادة المحافظين والوُلاة في بعض المحافظات، وسمعنا جلالته كثيرا ما كان يثبت ويُرّكز ويؤكد -حفظه الله- على دور الوالي ومجالس البلدية، والمشايخ، والرشداء، فمسؤولياتهم معروفة منذ العصور القديمة، واهتمام الحكومة بهم يتعاقبُ منذ عهود سابقة وإلى عصر النهضة القابوسية التي أولتهم رعاية خاصة، ثم العهد المتجدد بقيادة مولاي حضرة صاحب جلالة السلطان، هيثم بن طارق – حفظه الله- وهنا أرغب في أن أُثير نقطة بالغة الأهمية، وهي المُطالبة في إشراك المواطن في الرأي، ومعرفة احتياجاتهم ومطالبهم بشكل مباشر، فأصحابُ السعادة المحافظون يعتمدون في الأساس على أصحاب السعادة الولاة، والوُلاة يعتمدون على المشايخ والرشداء والمسؤولين مُنذ زمن بعيد ؛ ليكونوا همزة الوصل بينهم وبين أبناء المجتمع؛ حيث الأمر يكون في غاية الارتياح حينما يستمع المشايخ لوجهة نظر المواطنين، ويطلعون من خلالهم على حاجتهم؛ كون المواطن يعلم ما المشاريع الأكثر حاجة وإلحاحا لقريته وولايتهِ؟ فاجتماعِ المشايخ بالمواطنين أمر مُهم، وهذا ما يفعله بعض المسؤولين ليكونَ الرأي مُوحدا، وليتمّ النظر في المشاريعِ ذات الأولوية، والتي تخدمُ المواطن، وعلى مستوى الولاية؛ لهذا أرى أن يتفق المشايخ على أهم المشاريع التي يرون تنفيذها في أقربِ فرصة، والمشاريع القابلة للتأجيل، كل ذلك لا يأتي إلا بالتواصل المباشر بين الشيخ وجماعتهِ، وبين الوالي والشيوخ، ثم بين المحافظ والوالي وأعضاء المجلس البلدي الذين لهم الأهمية الكبرى في مثل هذا، بل إنها تأتي ضمن صميم اختصاصهم وصلاحياتهم، وأستغرب من عدم حضور أعضاء المجلس البلدي في اللقاءات التي التقى فيها المحافظون بالشيوخ بحضور أصحاب السعادة الولاة، مع أنّ مولاي صاحب الجلالة شدّد على دور المجلس البلدي في جميع لقاءاتهِ والمجلس البلدي يمثله الأعضاء، فكيف بهم لا يحضرون أو بالأحرى لا يتم استدعاؤهم في الاجتماعات التي تعنى بمشاريعِ الولايةِ، وهم لهم الدور البارز، وفي الأساس الأكثر اختصاصا، والمحافظون يعولون عليهم الكثير من المهام؟
أخيرا، فإني أوجه ندائي لكل مُحافظ بالسلطنةِ، أن يجعل الوالي والشيخ وأعضاء المجلس البلدي والمواطن وشرائح المجتمع كافة من المثقفين وأصحاب الرأي والشباب في الصورةِ ويستشيرهم، فالمحافظون ليسوا من أبناء المحافظة، وإنّما شُرّفوا بهذا العملِ من قبل المقام السامي، وعليهم الاستعانة بمن يتوسمون فيهم الأمانة، والبعد عن المُحاباة والمجاملات، والعمل بجدية لما يخدم أبناء الولايات وِفقَ الأولوية الضرورية، والله من وراء القصد.