الحقوق الزوجية في الإسلام (٤)
د. عبدالحكيم أبوريدة
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد
من الحقوق التي أوجبها الإسلام وأكد عليها للزوجة( العدل)
سن الإسلام الزواج وأباح تعدد الزوجات قال تعالى (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا (3)النساء، وقد اشترط للتعدد العدل فأن عجز عن العدل بين الزوجات اكتفى بواحدة كما جاء في الآية الكريمة ، وقد ورد في آية أخرى في نفس السورة الكريمة تخبر أن الزوج لا يستطيع أن يعدل بين أزواجه وإن حرص على ذلك، قال تعالى ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ [النساء:129]. فقد أثبت الله العدل في الآية الأولى ونفاه في الآية الثانية ، وهذا مما يجعل بعض من لا علم عندهم يشككون في القرآن ، إذ كيف يثبت القرآن العدل في آية وينفيه في آية أخرى؟ ، والحق أنه لو ردوه إلى الله ورسوله وإلى أولي العلم منهم لأزالوا اللبس والإشكال وبينوا لهم معنى كل من الآيتين، ومعنى الآية الأولى ، أن الزواج من أربع نسوة جائز بلا خلاف بين العلماء، ولكن جوازه مشروط بأن يعلم المرء أنه سيعدل بين نسائه في المبيت والسكنى والنفقة والكسوة ونحو ذلك، فإن خاف أن لا يعدل بينهنَّ فليست له الزيادة على واحدة، وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( مَنْ كانتْ له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائلٌ)، أما عن العدل الوارد في الآية الثانية فالمقصود به هنا الميل القلبي، فقد أخرج أصحاب السنن وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول: اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. ومعنى قوله: لا تلمني فيما تملك ولا أملك: إنما يعني به الحب والمودة. كذا فسره بعض أهل العلم. وهذا هو الذي لا يتحكم الإنسان فيه ولا يسيطر عليه، وبالتالي تعذَّر العدل فيه. فما أعظم تعاليم الإسلام وما أجل تشريعاته
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل ، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.