د. إنعام بنت محمد المقيمية
كانت ترى في ابنها الموهوب ذكاءً منطقياً، أرادت أن تعتني بقدراته وتنمّي مهاراته، وتُظهر للمعلمين مدى قدرته في هذا المجال.
كان لديها الكثير من الأدلّة على تفوّق ابنها في هذا المجال، والذي لم يرهُ أحد غيرها.
لم تكن نتيجة الجلسة الإرشادية كما توقعتها الأم، قد يخطئ الوالدان في الكشف عن الابن الموهوب بدون وعي، فالتدخل المفرط منهما يولّد ابناً عاجزاً قد ينساق حسب رغبة الوالدين، أو رافضاً متذمراً، كما أن بعض الآباء قد يرغبون بأن يحقق أبناؤهم ما لم يستطيعوا هم تحقيقه، أو يشبعون حاجات لم تتحقق لهم في طفولتهم، فيسعون جاهدين ليروها في أبنائهم.
لقد كان الخبر الصادم في مقياس كشف الموهبة الذي قامت الأمّ بتعبئته؛ حيث أظهرت نتيجة المقياس المهارات والقدرات التي تمتلكها الأم نفسها، وليس الابن، مع عدم النفي بامتلاك الابن تلك المهارات، لكنها ليست بالنسبة التي كانت تراها الأم مع وجود مهارات لم تكن تراها؛ لأنها في الحقيقة هي كانت لا تميل إليها.
فإظهار الابن الموهوب مهاراته في حلّ المسائل الرياضية كان تودّداً لوالدته؛ لهذا لم يرهُ المعلمون في الفصل؛ لأنه كان يبحث عن القبول في محيط أسرته.
كما لاحظت على الابن الموهوب في الجلسة الإرشادية أن لديه قدرة في الجانب الموسيقي والبيئي واللذان كانت نتيجتهما في المقياس صفراً، ومن خلال مناقشة الأم؛ اتضح بشكلٍ عامّ أن الوالدين لا يميلان لهذين الجانبين، كما ظهر عليه الذكاء اللغوي، لكنه لم يكن يمارس حرية الحديث في البيت، مع افتقار الكتب التي يمكن أن تثري الجانب الفكري والمعرفي لديه.
وفي أثناء المناقشة صمتت الأمّ برهةً من الزمن، وسألت بشكٍّ بعدما كانت متيقنة قائلةً:هذا يعني أن ابني غير متفوق في الذكاء المنطقي؟
إن الممارسة الوالديّة الإيجابية للابن الموهوب كفتح الحوار، وإعطائه فرصةً للتعبير وإبداء الرأي، ومساعدته في اختيار القرارات، وحلّ المشكلات؛ هي حاجة أساسية للموهوب تساعده على فهم ذاته، واكتشاف موهبته مع توفير البيئة الداعمة لنموّ موهبته، كتوفير الكتب وبعض الأدوات التي يمكن أن تنمّي لديه أنواع الذكاء المختلفة.
وتجدر الإشارة بهذا الصدد إلى أن نظرية الذكاءات المتعددة تشير إلى تعدد المواهب مع الموهوب، فهناك أشخاص متعددو المواهب يمكن أن يبرزوا في أكثر من ميدان، ولا تقتصر الفكرة على أن الموهوب أحاديّ الموهبة، ففي الحضارة العربية الإسلامية اشتهر الحسن بن الهيثم في مجالَي الطبيعة والحساب إلا أنه ألّف في الهندسة والجبر والفلسفة والفلك والطبّ واللغة والأخلاق ما يزيد على مائتي مصنّف.
