” قابوس ” طِبت حياً ثُم طاب المرقدُ
صلاح بن سعيد المعلم العبري
عضو جمعية الصحفيين العُمانية
تحل اليوم العاشر من يناير ذكرى وفاة أعز الرجال وأنقاهم السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور – طيب الله ثراه – رجل السلام والحكمة وكهف الأرامل والأيتام ، ومؤسس نهضة سلطنة عُمان التي سطرتها مكتسبات عهده الميمون طوال خمسين عاماً في مسيرة سيسطرها التاريخ بأحرفٍ من نور .
فمنذُ تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد آل سعيد ـ طيب الله ثراه – مقاليد الحكم في البلاد في 23 يوليو 1970 م ، خلفاً لوالده المغفور له بإذن الله السلطان سعيد بن تيمور شهدت سلطنتنا الفتية في عهده الميمون انتعاشاً إقتصادياً ونمواً وازدهاراً في شتى مجالات الحياة ، فقد تم في عهده – طيب الله ثراه – البدء بتصدير النفط بعد اكتشافه عام 1986 م، كما قام بنقل نظام الحكم إلى الحكم الديمقراطي وألغى النظام القبلي، وأنشأ المجلس الاستشاري ومجلس الشورى وقام بالقضاء على الثورة الاشتراكية التي قامت في محافظة ظفار ، واتخذ برنامجاً سياسياً يقوم على أساس الخطط الخمسية ، كما قام – طيب الله ثراه – بالعديد من المشاريع التنموية والاقتصادية في ربوع هذه الأرض الطيبة ، كما أسس جلالة السلطان قابوس – طيب الله ثراه – النظام الديمقراطي في البلاد وقام بتغييرات إدارية تمثلت بتشكيل سلطة تنفيذية مؤلفة من جهازٍ إداريٍ يشمل مجلس الوزراء والوزارات المختلفة والدوائر والمجالس المتخصصة.
وعلى الصعيد الخارجي قام – طيب الله ثراه – بتوسيع العلاقات مع الدول المجاورة ودول العالم بعد تأسيس وزارة الخارجية وساهم في دخول سلطنة عمان في الجامعة العربية ، وبنى علاقات خارجية مبنية على العلاقات القوّية مع دول الجوار وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للغير ، وقام بتدعيم علاقات السلطنة معهم جميعاً وإقامة علاقات ودية مع سائر دول العالم ومناصرة القضايا العربية والإسلامية ودعمها في كل المجالات ، واتخاذ مواقف حيادية إيجابية من القضايا الدولية، وقام بفتح أبواب السلطنة على العالم من خلال إنشاء القنصليات والسفارات والهيئات الدولية وإرسال واستضافة البعثات الدولية، وقام بتحقيق الأمن والاستقرار داخل السلطنة وتوطيد العلاقات الخارجية ودعم عمليات التنمية في كافة المجالات، وحقق التعاون مع دول الخليج العربي في المجال الدفاعي المشترك لدول الخليج العربي (درع الجزيرة) ودعمه لمنظومة مجلس التعاون الخليجي .
وعلى الصعيد الداخلي قام – طيب الله ثراه – بإجراء العديد من الإصلاحات الداخلية في جميع المجالات فقد اهتم بالتعليم فأنشأ المدارس والجامعات في كل أرجاء البلاد وأنشأ جامعة السلطان قابوس التي ذاع صيتها في كل أنحاء العالم، وفي المجال الطبي قام ببناء المستشفيات والمراكز الصحيّة وتم تجهيزها بجميع المستلزمات والأدوات والأدوية والأطباء، وفي المجال الصناعي فقد ركز اهتمامه – غفر الله له – على إنتاج النفط وتكريره فقام بإنشاء المصانع المتطورة ومحطات للتصفية والتكرير وقام بتصديره إلى الخارج ودعم اقتصاد البلاد من عائداته ، بالإضافة إلى بناء مصانع الإسمنت ومصانع تعليب الأسماك والتمور ودعم القطاع الزراعي وتشجيع المزارعين وتزويدهم بالآلات المتطورة والمعدات الحديثة، وتقديم الدعم اللازم والكافي لتحريك عجلة الإنتاج لتحقيق الاستقلال الذاتي الغذائي للبلاد، فتحولّت السلطنة في عهده من بلدٍ مستهلك إلى منتج ومن مستوردٍ إلى مورد، بالإضافة إلى بناء شبكةٍ متطورةٍ من المواصلات البرية والبحرية، والموانئ والمطارات منها ميناء السلطان قابوس وميناء ريسوت وميناء صحار وميناء الدقم .
ولأعز الرجال وأنقاهم هوايات واهتمامات عديدة فكان شديد الاهتمام بعلوم اللغة العربية وآدابها وعلوم الدين الإسلامي والفقه إضافة إلى اهتمامه بالمطالعة والقراءة في كتب التاريخ والسياسة والعلوم العسكرية إلى جانب كتب التراث العماني، وكان فارساً ماهراً شديد الاهتمام بالخيل ، فوجه بإقامة العديد من مهرجانات الفروسية ومسابقات للهجن العربية الأصلية بالإضافة إلى اهتمامه بحماية البيئة فقد قام بإنشاء جائزة السلطان قابوس لحماية البيئة في عام 1989 م .
وتهل اليوم ذكرى وفاته ليستذكر العمانيون مناقبه التي لاتُنسى أبداً ، داعين له بالرحمة ورافعين أكف الضراعة الى المولى القدير أن يسكنه جنات النعيم ، وأن يحفظ سبحانه وتعالى خير خلفٍ لخير سلف حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم قائداً ملهماً لتتواصل نهضة عُمان المتجددة قُدماً نحو غايتها لما فيه خير عُمان وأهلها .