غيوم الفرح والبشائر
خلفان بن ناصر الرواحي
غيوم الفرح، هل تخبرينني عن تفاصيل الروح وتناغمها مع مفردات الحياة، وتحدثينني عن علاقات السماء والأرض عندما تتزاحمين تألقًا لتتقرب أرواحنا مع مجريات الحدث بعد انقطاع، وبعد فقدان الأمل؟!
أيتها الغيوم المتزاحمة في سماء الكون اروي لنا عطشنا، وأدخلي السعادة في أرواحنا المتشوقة لقطرات المطر، وانثري زخاتك المنتظرة بهدوء؛ كي نتلذذ لحظات الأنس، ونزيح عنا ستار الماضي الذي افتقدنا فيه نشوة الفرح تحت سقف السماء المظللة بالغيوم.
أيتها الغيوم الطاهرة، تناغمي مع كل لحظة من حياتنا لنقاء السريرة وشنشنة الروح، فحياتنا تُشبه حركتك للتلاقي؛ كلٌّ منا يُلاقي شبيهه، ولكن سُرعان ما ينفصل عنه؛ لتغيّر الأحوال.
أيتها الغيوم المتزاحمة في سمائنا، هل تعلمين أن رائحة المطر ونسيمه البارد عندما يراقص أغصان الشجر فإنه يحرك وجداننا، وكأنه موج هادئ انساب من البحر بلطف ونقاء، وتزّين بداخلي الحياة والسماء. وهل تعرفين أننا نحب رائحة المطر، فكم يحمل لنا المطر رائحة الأرض الندية عند التقاء قطراتك مع التراب الطاهر! فيحمل لك أرق السلام من أرواحنا، ونشعر حينها بأن الرياح ستحمل لك سنابل الحياة الخضراء لتحيي بها غصون الأمل.
أيتها الغيوم المبشرة، كلنا ينتظر تلك اللحظة، ونحلم بولادة عالم جديد، بفرحة الغيث ونهاية مسلسل الصبر الطويل، ليسقط المطر من جديد، ويعوضنا العزيز الكريم بفرحة أعظم وأجمل، ونطوّق دنيانا بحدائق السعادة والطمأنينة، ونعزف سيمفونية أفراحنا بحبات المطر، ولتسقط معه من الأمان والهدوء مساحات السعادة والفرح.
أيها السحاب المعجز، كيف لي أن أُنكر تباشير قدومك علينا! وكيف لي أن أنسى قطرات دموعك من ديم تروي الخمائل!
وما أجمل الودق المنساب برقة بقدرة الرحمة الإلهية من بين مساماتك الرقيقة! وكأنها رسالة من السماء لتبلغ الأرض؛ لترسل الطمأنينة إلى قلوب البشر المتعطشة، والمشتاقة لزخات القطر؛ لتذهب الضجر، وتنبت الشجر، وتدر الضرع، وتتناغم الأطيار، ويزاح القحط، ويعمّ الخير في السهل والبحر والجبل.
فأينما تكوني أيتها الغيوم فأنت الصفاء الذهني الذي يدفعني لبراءة الكتابة بحروفي المتواضعة للتعبير، وكلما رأيتك تدفق حبر القلم للتعبير عن جمالك وروعته، فأحاول أن أنسج ذلك الجمال في سجادة التعبير التي أكتب عليها عوضًا عن الورق، متصورًا ذلك الخيال العجيب برغم صعوبة تحقيقه لدي بواقعه الذي أحلم به وأتصوره.
إنَّ ذلك هو التصور الذي أعيشه لحظة رؤيتي لمشاهدة السماء المحملة بالغيوم؛ فأنسى نفسي ويجبرني قلمي للتعبير، فلتكوني يا سماء الكون دومًا محملة بغيوم الفرح والبشائر.