2024
Adsense
مقالات صحفية

الحقوق الزوجية في الإسلام (٣)

د. عبدالحكيم أبو ريدة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد،
فقد تناولنا في مقالات سابقة بعض الحقوق الزوجية التي أوجبها الإسلام على الرجل للمرأة، وذكرنا منها المهر، وفي هذه الأسطر سنتعرف على حق آخر أوجبه الإسلام للمرأة، وهو (النفقة).

والمقصود بالنفقة في الإسلام، كل ما تحتاج إليه المرأة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ودواء، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ). (سورة النساء: من الآية 34)
وقال:(لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍۢ مِّن سَعَتِهِۦ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُۥ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَا ۚ سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍۢ يُسْرًا). (سورة الطلاق: الآية 7).

وقد وردت أحاديث كثيرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تؤكد هذا الحق، منها ما ورد عن حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، ما حَقُّ زوجة أحَدِنَا عليه؟، قال: «أن تُطْعِمَهَا إذا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ -أو اكْتَسَبْتَ- ولا تضرب الوجه، ولا تُقَبِّحْ، ولا تَهْجُرْ إلا في البيت». (رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد)، وأكد هذا الحق أيضًا في خطبته في حجة الوداع، فقال: «أَلَا وإنَّ حَقَّهُنَّ عليكم أن تُحْسِنُوا إليهِنَّ في كِسْوَتِهِنَّ وطعامِهِنَّ». (أخرجه الترمذي: 3087)، والأحاديث في تأكيد هذا الحق أكثر من أن تحصى.

والنفقة واجبة على الزوج دون الزوجة، ولو كانت ذات مال، ولو اشترط الزوج على زوجته ألا ينفق عليها صح العقد وبطل الشرط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من اشترط شرطًا ليس فى كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط». متفق عليه (ص 315) .

وجعل النبي النفقة على الزوجة والعيال من أعظم القربات إلى الله، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:«دِينارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، ودِينارٌ تَصَدَّقْتَ به علَى مِسْكِينٍ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ؛ أعْظَمُها أجْرًا الذي أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ».(صحيح مسلم: 995 ).

وجاء في مسند أحمد: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَتَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ». (رواه أحمد).

النفقة واجبة للزوجة إذا كانت العلاقة الزوجية قائمة، وكذلك تجب للمطلقة طلاقًا رجعيًا ما دامت في العدة، والحامل حتى تضع حملها، وللمرضع حتى فطام الصغير، قال تعالى: ( وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ). (سورة الطلاق: من الآية 6).

والحديث عن النفقة وأحكامها يحتاج إلى مجلدات لا يتسع هذا المقال لذكرها، ولكن ألقينا الضوء على هذا الحق المؤكد للزوجة، وليعلم من يتهم الإسلام بأنه ظلم المرأة مدى عناية الإسلام بها، فما أعظم هدي الإسلام، وما أجل تشريعاته!

والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights