الحب .. بين الطهر والزيف
علياء العامرية
يقول البعض: ابتعد عن الجميع, وعِش في عُزلة تامة بعيدا عن البشر, ويقول الله عز وجل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )سورة الحجرات(
(13)” ”
البعض يدعو إِلى العزلة والله يدعو إِلى المحبة والمودة والتعارف,
البعضُ يقول: لا يوجدُ حُب صادق. لأنهم في حقيقة الأمر لا يعرفون معنى الحُب في الله.
الحُب في الله حُبٌ عميقٌ وصادِق, حُبٌ لا يعرِفُ الزيفَ والنِفاق, والقلب الذي يُحِبُ في الله قلبٌ يتسِعُ للجميع, قلب مليء بالطاقة الايجابية, قلبٌ لا يتعلق إِلا بخالقه.
هناك فرق بين الحُب في الله وبين التعلق بالآخرين, فنحنُ حين نُحِبُ في الله, نُحِبُ أولائك الذين يُعينوننا على ذِكره وشُكره, ونعرفُ جيدا بأن سعادتنا لا تقترِنُ بوجود فُلان أو فُلان.
أما التعلق مرضٌ يؤذِ الانسان ويعذبه.
أتفِقُ مع عبارة: كُلما قويت العِلاقة قصر عمرها, فكُل ما بُنيَ على باطل فهو باطل.
عزيزي القارئ, كم مِن قِصة عُقوق حدثت بِسبب التعلق, وكم مِن قِصة طلاق, وكم مِن قِصصِ فراق حدثت.
هُناك ابن ترك والدته بِسبب تعلقها الشديدِ بِه, كانت تُحاصره, وتَمنع خروجه, تغارُ عليهِ مِن زوجته, وتغارُ عليه حتى مِن ابنه الصغير حين يحمِله بين يديه.
سَمِعتُ ذات مرة مقطع في اليوتيوب عِن قِصة طلاق حدثت بِسبب تعلق الزوجة الشديد بِزوجها, تَعلق مزعج، فطلقها ليعيشَ بسلام بعيدا عن تلك العاشقة الهائمة به.
تقول د.مها عجاج: ان التعلق طاقة سلبية, وإِن كُنت تُريد أَن تعرف ما تشعر بِه إِن كان حُب أو تعلق فانظر إِلى النتائج.
إِن كانت العِلاقة سعيدة,, ايجابية, بعيدة عَن الحُب الزائد عن الحد فهو حُب, أما إِن كانت حزن وغيرة, وأنانية وحب تملك فهذا يُعتبر تعلق.
صديقي القارئ إِن الحُب عطاء، أما التعلق فهو طلبا للاهتمام.
يقول د.محمد بن راتب النابلسي:
غذاءُ العَقلِ العلم, وغذاء القلب الحُب, وغذاء الجسد الطعام والشراب, فاذا غذيت عقلك بالعلم, وقلبك بالحُب, وجسدك بالطعامِ والشراب فقد تفوقت, أما اذا اكتفيتَ بواحِدة فقد تطرفت, فأعطِ كُل ذي حقٍ حقه.
جميلة هي الحياة بوجودِ قلوب عاشت بالحُبِ الصادق, والنقي, فالبحرُ يا عزيزي يُعطي, ولكنهُ لا يطلب مِنا الاهتمام.