المدرسة حياة ..القيم… والاستراتيجيات
د. محمد بن أحمد بن خالد البرواني
alnigim@gmail.com
محمد للإستشارات الإدارية والتربوية والتعليمية
إن الحديثَ عن الاستراتيجيات التي يتطلب وضعها آليات ومشاركون، وتحتاج إلى تطبيقها وتنفيذها أهدافاً طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى وإجراءات للتنفيذ، وتكون مراجعتها ومعرفة مدى تنفيذها من خلال أدوات تتعلق بالقياس والجودة والتقويم والتقييم، أو ما يعرف بالحوكمة، وهي منظومة متكاملة بمدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها، إلا أن هذه الاستراتيجيات لا يمكن معرفة تحققها إلا إذا ارتبطت بالقيم والمبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها عند أي حلم أو غاية أو رؤية، وهو لبّ الموضوع وقلبه وجوهره، وما الرسالة السماوية التي أرسلها الله تعالى على عباده، وقام بتبليغها الرّسل والأنبياء إلا لتحقيق قيم الأخلاق التي ارتضاها الله لعبادهِ؛ لتكون نوراً لهم يتوافق مع خَلْقهم، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ﴾-[البقرة: ٣٠]
فالقيمة الأساسية ليست في الإفساد وسفك الدماء، وإنما في مدى قدرة هذا المخلوق في التعلّم وتنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى، ومن هذا المنطلق فإن الغاية والاستراتيجية إذا لم ترتبط بالقيم والمبادئ الأساسية التي يعمل بها الجميع ويتفقون عليها كمباديء العدل والمساواة والحرية والكرامة الإنسانية، فلا يمكن أن تكون استراتيجية، بل مجهول لا يتحقق(كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً… )، فلا تتحقق أيّةُ أهداف، ولا تظهر أيّةُ غايات، وستبقى الرّسالة غير محددة المعالم، والرّؤية شعار لا يمكن تحقيقه، ولذلك فإن وجود القيم والمبادئ في قمة وضع الاستراتيجية والعمل على توظيف الأهداف في خدمتها، طالما أنها هي المعتقدات والمباديء التي نعمل من خلالها على تحقيق الغاية.
إن البُعد عن القيم وتوجيه الأهداف دونما ميزان يؤطّرها يعتبر من ضَلال السّعي وليس من حسن الصّنعة وإتقانها.
إنّ النّظرةَ للتعليم ترتكزُ على تلك المُوَجّهات التي إنْ انحرفت عن مَسارها الصّحيح فإنها إما أنْ تُهلك نفسها أو غيرها، وكذا الحال لأي مؤسَسةٍ تعملُ دون مُوَجّهات ومباديء وقِيم، مَصيرها الدوران دون إحداث فعل أو تحقيق منجز أو نتاج.