إعادة الهيكلة لشركة متعثرة(8)
يوسف عوض العازمي
” الإدارة هي لعبة فكرية، وكلما فكرت بطريقة أفضل، كلما حققت نتائج أعظم، لذا فكر جيداً وانتق من يفكر، واعمل مع من يفكر”- ( ديل كارنيجي )
إدارة الشركات كإدارة وضبط وربط أشبه بإدارة إي جهة أخرى، فالثوابت الإدارية تكاد تكون واحدة، الخطوط العريضة واحدة، فقط الفارق في التفاصيل( بالطبع هناك إدارات لايمكن أن يديرها إلا متخصص بذات المجال )، لذلك أعتقد أن المدير الناجح في المنشأة A هو نفسه من سينجح في المنشأة B المختلف نشاطها تماماً، لأن السر هو في العقلية الخلاقة التي تدير وفق أسس ومبادئ صارمة وذات نظر ثاقب بدءاً بكيفية اختيار فريق العمل وصولاً لدقائق الأمور.
ليس مهماً أن يكون المدير العام في أي مجال متخصصاً بذات المجال؛ لأن الأهمية تكمن في الفعل والذهنية الإدارية والأسس التي على ضوئها تسير إدارة العمل، لذلك قد لا تستغرب وجود مهندس مدني يدير شركة مواد غذائية، أو طبيب يدير شركة زراعية، وهلم جرا؛ لأن الفارق هو الفكر الإداري المدير للجهة وهو بيت القصيد.
نرجع للشركة وقصتها التي لم تنته بعد، بعد الترتيب والتنظيم الجديد بدأت العجلة تدور بنفس جديد وواضح وفق خطوط قاطعة، وبدأت النتائج المبكرة تبشر بفجر جديد للإدارة العقارية تنزع منها ثوبها الأول بثوب جديد لائق، وللحق كان توزيع المسئوليات وطريقة تحديد الصلاحيات الجديدة والتي كانت لا تدع مجالاً للخطأ لها الأثر الإيجابي في إطمئنان عملاء الإدارة مما أعطى دافعاً مشجعاً لخطة الإصلاح.
من الأمور الجديدة التي بدأت الإدارة بالعمل بها هو ميكنة ورقمنة جميع أجزاء العمل، حتى توقيعات المسئولين أي توقيع يتم رصده مباشرة في النظام الآلي، مربوطاً مع جميع الجهات ذات العلاقة، بحيث أنه أصبح القرار المتخذ يرسل بذات اللحظة إلى ذي الشأن للتنفيذ، ويتم رصد الإستلام من خلال النظام الآلي، فأي قرار من أصغر مسئول إلى الأعلى كان يصل بنفس اللحظة إلى الأنظمة الإدارية والمالية والقانونية ومكتب رئيس الإدارة ومكتب رئيس مجلس الإدارة، وفي ذلك فائدة كبيرة لضبط العمل وتسريع عجلة تنفيذ القرار ( أي قرار ).
عدة مواقف إنسانية صادفت المستشار القائد أثناء مشوار إصلاح الشركة من جهة بعض العاملين، أو تصرفات غير متوقعة من بعض القياديين، وأحد تلك المواقف الطريفة أن المستشار دخل مكتب أحد مسئولي الصيانة في إدارة العقار وذلك أثناء سير العمل التفقدي، ولفت نظر المستشار وفريقه مجموعة ليست قليلة من شهادات الشكر والتقدير وعدة دروع تكريمية بإسم هذا المسئول، الغريب أن الذين منحوا هذه ” التكريمات ” غير معروفة أسماؤهم، مثلاً شهادة شكر من رابطة سكان البناية الثامنة، ودرع تكريمي من مجموعة العمل التطوعي، وغير مذكور أي عمل تطوعي يقصد به، وبقية الشهادات والدروع تقريباً نفس الطريقة!
وأثناء ضغط الأسئلة على المسئول، أعترف اعترافاً جعل جل من في المكتب من فريق عمل المستشار يضحكون على السبب!
ما السبب؟
أعترف المسئول بأن الشهادات والدروع كلها (وليس بعضها) من عمله هو وأنه لا وجود لرابطة البناية الثامنة ولا الحادية عشر، و كل أسماء الذين كتبت أسماؤهم لتكريمه هي أسماء لا وجود لها على الواقع، وأن السبب في تأليفه هذه الأمور للفت الأنظار للعملاء كي يثقوا به، و يربح عقود جديدة مع زبائن جدد، المفارقة أنه ولا عميل حقيقي منحه شهادة أو درع !
ومن المواقف التي صادفها المستشار أن حارس الأمن بأحدى البنايات عمل غرفة من الحديد والكيربي وجعلها بقالة صغيرة داخل البناية، يبيع بها على قاطني البناية، و لم يأخذ الأذن من الإدارة لا في بناء الغرفة ولا في إنشاء البقالة، بل وعين بها أحد العمال كبائع!
أحد من فريق المستشار قال للمستشار: سيدي هل سمعت بالمثل الشهير: إن غاب القط . . إلعب يا فار!